Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 157-157)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ } . قال أبو السعود : نظمُ قولهم هذا في سلك سائر جناياتهم التي نعيِت عليهم ، ليس لمجرد كونه كذباً ، بل لتضمنه لابتهاجهم بقتل النبيّ عليه السلام والاستهزاء به ، فإن وصفهم له عليه السلام بعنوان الرسالة إنما هو بطريق التهكم به عليه السلام ، كما في قوله تعالى : { وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } [ الحجر : 6 ] ، إلخ . ولإنبائه عن ذكرهم له عليه السلام بالوجه القبيح ، على ما قيل من أن ذلك وضع للذكر الجميل من جهته تعالى ، مكان ذكرهم القبيح ، وقيل : هو نعت له عليه الصلاة والسلام من جهته تعالى ، مدحاً له ، ورفعاً لمحله ، وإظهاراً لغاية جراءتهم ، في تصديهم لقتله ، ونهاية وقاحتهم في افتخارهم بذلك . لطيفة قال الراغب : سمي عيسى بالمسيح لأنه مسحت عنه القوة الذميمة ، من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة ، كما أن الدجال مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الحميدة ، وقال شمر : لأنه مسح بالبركة ، وهو قوله تعالى : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ } [ مريم : 31 ] ، أو لأن الله مسح عنه الذنوب . وذكر المجد في كتابه ( البصائر ) في اشتقاقه ستة وخمسين قولاً ، وتطرق شارح القاموس لبعضها ، فانظره . { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } أي : لا يصح لهم الفخر بقتله ، لأنهم ما قتلوه ، ولا متمسك لهم فيما يزعمونه من صلبهم إياه ، لأنهم ما صلبوه ولكن قتلوا وصلبوا من ألقى عليه شبهه { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } أي : في شأن عيسى { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } أي : من قتله ، وسنبينه بعد { مَا لَهُمْ بِهِ } أي : بقتله { مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ } استثناء منقطع ، أي : لكن يتبعون فيه الظن الذي تخيلوه { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } أي : قتلاً يقيناً بمعنى متيقن أنه عيسى عليه السلام ، بل فعلوه شاكين فيه ، أو المعنى : انتفى قتله انتفاء يقيناً بمعنى انتفائه على سبيل القطع . قال البرهان البقاعيّ : وهو أولى لقوله : { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ … } .