Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 160-160)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَبِظُلْمٍ } أي : بسبب ظلم عظيم ؛ فالتنوين للتفخيم ، وهو جامع لتفصيل نقض الميثاق وما عطف عليه مما استحلوه ، بعد أن حرمته التوراة { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } أي : تلبسوا باليهودية ، وفيه تعظيم ظلمهم أيضاً ، إذ صدر عنهم بعد ما ادعوا أنهم من أهل التوراة والرجوع إلى الحق { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } قال ابن كثير : هذا التحريم قد يكون قدريَاً ، بمعنى : أنه تعالى قيضهم لأن تأولوا في كتابهم ، وحرفوا وبدلوا أشياء كانت حلالاً لهم ، فحرموها على أنفسهم تضييقاً وتنطعاً ، ويحتمل أن يكون شرعياً ، بمعنى : أنه تعالى حرّم عليهم في التوراة أشياء كانت حلالاً لهم قبل ذلك ، كما قال تعالى : { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } [ آل عمران : 93 ] ، أي : ما عدا ما كان حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، من لحوم الإبل وألبانها ، ثم إنه تعالى حرّم أشياء كثيرة في التوراة ، كما قال في سورة الأنعام : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ } [ الأنعام : 146 ] ، أي : إنما حرمنا عليهم ذلك ، لطغيانهم ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه . ولما ذكر ظلمهم ذكر مجامع من جزئياته بقوله تعالى : { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي : الذي لا أوضح منه ولا أسهل ولا أعظم { كَثِيراً } أي : ناساً كثيراً ، أوْ صدّاً كثيراً ، فهم صدوا الناس وصدوا أنفسهم عن اتباع الحق ، وهذه سجية لهم متصفون بها من قديم الدهر وحديثه ، ولهذا كانوا أعداء الرسل وقتلوا خلقاً من الأنبياء ، وكفروا بعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم .