Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 56-56)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً } أي : عظيمة هائلة { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ } أي : احترقت احتراقاً تاماً { بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أي : ليدوم لهم ، وذلك أبلغ في العذاب للشخص ، لأن إحساسه لعمل النار في الجلد الذي لم يحترق ، أبلغ من إحساسه لعملها في المحترق . تنبيه لهم في التبديل وجهان : الأول : أنه تبديل حقيقيّ ماديّ ، فيُخْلَق مكانها جلودٌ أُخَر جديدة مغايرة للمحترقة . الثاني : أنه تبديل وصفيّ : أي : أعدنا الجلود جديدة مغايرة للمحترقة صورة ، وإن كانت عينها مادةً ، بأن يزال عنها الاحتراق ليعود إحساسها للعذاب ، فلم تبدل إلا صفتها ، لا مادتها الأصلية ، وفيه بُعْدٌ ، إذ يأباه معنى التبديل . وقال الرازي : يمكن أن يقال : هذا استعارة عن الدوام وعدم الانقطاع ، كما يقال لمن يراد وصفه بالدوام : كلما انتهى فقد ابتدأ ، وكلما وصل إلى آخره فقد ابتدأ من أوله ، فكذا قوله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ } الآية ، يعني : كلما ظنوا أنهم نضجوا واحترقوا وانتهوا إلى الهلاك ، أعطيناهم قوة جديدة من الحياة ، بحيث ظنوا أنهم الآن حدثوا ووجدوا ، فيكون المقصود بيان دوام العذاب وعدم انقطاعه . انتهى . وهذا أبعد مما قبله ، إذ ليس لنا أن نعدل في كلام الله تعالى عن الحقيقة إلى المجاز ، إلا عند الضرورة ، لا سيما وقد روي عن السلف ، صحابةً وتابعين ، أنهم يبدلون في اليوم أو الساعة مرات عديدة ، كما رواه ابن جرير وغيره مفصَّلاً . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً } لا يمتنع عليه ما يريد { حَكِيماً } فيما يقضيه ، ومنه هذا التبديل ، إذا لا يتم تخليد العذاب الموعود ، على الكفر الذي لا ينزجرون عنه ، بالعذاب المنقطع ، وعداً لا بد من إيفائه ، ثم بيّن مآل أهل السعادة فقال : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ … } .