Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 70-70)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذٰلِكَ } مبتدأ ، إشارة إلى ما للمطيعين من الأجر ومزيد الهداية ومرافقة المنعم عليهم ، أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومزيتهم ، فالمشار إليه إما جميع ما قبله أو ما يليه . { ٱلْفَضْلُ } صفة { مِنَ ٱللَّهِ } خبره ، أي : ذلك الفضل العظيم من الله تعالى لا من غيره ، أو { ٱلْفَضْلُ } خبر ، { مِنَ ٱللَّهِ } حال ، والعامل فيه معنى الإشارة ، أي : ذلك الثواب ، لكمال درجته ، كأنه هو الفضل ، وإن ما سواه ليس بشيء موجوداً وكائناً من الله تعالى ، لا أن أعمال المكلفين توجبه . قال الناصر في ( الانتصاف ) : معتقدنا ، معاشر أهل السنة ، أن الطاعات والأعمال التي يتميز بها هؤلاء الخواص ، خلقُ الله تعالى وفعله ، وإن قُدَرَهم لا تأثير لها في أعمالهم ، بل الله عز وجل يخلق على أيديهم الطاعات ويثيبهم عليها ، فالطاعة إذاً من فضله ، فله الفضل على كل حال ، والمنة في الفاتحة والمآل ، وكفى بقول سيد البشر في ذلك حجة وقدوة : فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام : " " لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله " قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ ! قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه وبرحمة " . { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس : 58 ] ، اللهم ! اختم لنا باقتفاء السنة ، وأدخلنا بفضلك المحض الجنة . انتهى كلام الناصر . والحديث المذكور أخرجه الشيخان عن أبي هريرة : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً } بجزاء من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق أهله . قال الرازيّ : وله موقع عظيم في توكيد ما تقدم من الترغيب في طاعة الله ، لأنه تعالى نبه بذلك على أنه يعلم كيفية الطاعة وكيفية الجزاء والتفضل ، وذلك مما يرغب المكلف في كمال الطاعة ، والاحتراز عن التقصير فيه ، ثم أعاد تعالى ، بعد الترغيب في طاعته وطاعة رسوله ، الأمر بالجهاد الذي تقدم ، لأنه أشق الطاعات وأعظم الأمور التي يحصل بها تقوية الدين ، فقال سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ … } .