Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 81-81)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَقُولُونَ } أي : المنافقون ، إذا أمرتهم بشيء ، وهم عندك : { طَاعَةٌ } بالرفع . أي : أمرنا وشأننا طاعة ، ويجوز النصب بمعنى : أطعناك طاعة ، كما يقول المنقاد : سمعاً وطاعة ، وسمعٌ وطاعة . قال سيبويه : سمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له : كيف أصبحت ؟ فيقول : حمدُ الله وثناءٌ عليه ، كأنه قال : أمري وشأني حمدُ الله وثناءٌ عليه ، ولو نصب ( حمد الله ) كان على الفعل ، والرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها . { فَإِذَا بَرَزُواْ } أي : خرجوا { مِنْ عِندِكَ } أي : من مجلسك { بَيَّتَ } أي : دبّر ليلا { طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ } أي : من القائلين المذكورين وهم رؤساؤهم { غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ } أي : خلاف ما قالت لك ، من القبول وضمان الطاعة ، لأنهم مصرون على الرد والعصيان ، وإنما يظهرون ما يظهرون على وجه النفاق . تنبيهان الأول : في ( القاموس وشرحه ) وبيّت الأمر : عمله أو دبره ليلاً . وقال الزجاج : كل ما فكر فيه ، أو خِيض بليل ، فقد بيّت ، ويقال : بيّت بليل ودبّر بليل بمعنى واحد ، وفي الحديث : أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يبيّت مالاً ولا يقيله ، أي : إذا جاءه مال لا يمسكه إلى الليل ولا إلى القائلة ، بل يعجل قسمته . انتهى . ونقل الرازيّ عن الزجاج أيضاً : أن كل أمر تفكر فيه وتأمل في مصالحه ومفاسده كثيراً ، يقال فيه مبيّت ، وفي اشتقاقه وجهان : الأول : من البيتوتة لأن أصلح الأوقات للفكر أن يجلس الإنسان في بيته بالليل ، فهناك تكون الخواطر أخلى ، والشواغل أقل ، فلما كان الغالب أن الإنسان وقت الليل يكون في البيت ، والغالب أنه يستقصي الأفكار في الليل ، لا جرم سمي الفكر المستقصى مبيَّتاً . الثاني : اشتقاقه من أبيات الشعر ، لأن الشاعر يدبرها ويسويها ، قال الأخفش : العرب إذا أرادوا قرض الشعر بالغوا في التفكر فيه ، فسمَّوُا المتفكَّر فيه ، المستقصي ، مبيَّتاً ، تشبيهاً له ببيت الشعر ، من حيث إنه يسوي ويدبر . الثاني : تذكير الفعل ، لأن تأنيث ( طائفة ) غير حقيقيّ ، ولأنها في معنى الفوج والفريق ، وإسناده إلى طائفة منهم ، لبيان أنهم المتصدون له بالذات ، والباقون اتباع لهم في ذلك ، لا لأن الباقين ثابتون على الطاعة . { وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } أي : يثبته في صحائف أعمالهم بما يأمر به حفظته الكاتبين الموكلين بالعباد فيجازيهم عليه . قال ابن كثير : والمعنى في هذا التهديد ، أنه تعالى يخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرُّونه فيما بينهم ، وما يتفقون عليه ليلاً من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وعصيانه ، وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة ، وسيجزيهم على ذلك . انتهى . وجوّز أن يكون المعنى : والله يكتبه في جملة ما يوحي إليك في كتابه ، فيطلعك على أسرارهم ، فلا يحسبوا أن إبطانهم يغني عنهم ، فالقصد لتهديدهم على الأول ، وتحذيرهم من النفاق لأن الله يظهره ، على الثاني . { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي : تجاف عنهم ولا تعاقبهم { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } أي : ثق بالله في شأنهم ، فإن الله يكفيك شرهم وينتقم منهم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } كفيلاً بالنصرة والدولة لك عليهم .