Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 60-60)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } أي : اعبدوني أُثبْكم . قال الزمخشري : والدعاء بمعنى العبادة ، كثير في القرآن ، ويدلّ عليه قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي : صاغرين أذلاّء . قال الشهاب : إطلاق الدعاء على العبادة مجاز ، لتضمن العبادة له ، لأنه عبادة خاصة أريد به المطلق ، وجعل الإثابة لترتبها عليها استجابة . مجازاً أو مشاكلة . وإنما أوّل به لأن ما بعده يدل عليه . والمقام يناسبه الأمر بالعبادة . وقد جوّز أن يراد بالدعاء ، والاستجابة ظاهرهما ، ويراد بالعبادة الدعاء مجازاً ؛ لأنه باب من العبادة عظيم ، وفرد من أفرادها فخيم . قال الشهاب : ولو قيل لا حاجة إلى التجوّز ، لأن الإضافة المراد بها العهد هنا ، فيفيد ما ذكر من غير تجوّز - لكان أحسن . انتهى . وعلى الوجه الثاني : وهو أن المراد بالدعاء السؤال - اقتصر كثير من المفسرين . قال المهايميّ : { أَسْتَجِبْ لَكُمْ } لأن الدعاء من العبد غاية في التذلل لربه ، وهو محبوب لربه . فإذا أتى العبد بمحبوب الرب عظمه بالاستجابة ، وإذا لم يستجب له في الدنيا عوّضه في الآخرة ، ولحبه التذلل أمر العباد بالعبادة ، فإن استكبروا كان لهم غاية الإذلال . ا هـ . وقال القاشانيّ : الآية في دعاء الحال ؛ لأن الدعاء باللسان مع عدم العلم بأن المدّعو به خير له أم لا ، دعاء المحجوبين ، وأما الدعاء الذي لا تتخلف عنه الاستجابة ، فهو دعاء الحال بأن يهيئ العبد استعداده لقبول ما يطلبه ، ولا تتخلف الاستجابة عن هذا الدعاء . كمن طلب المغفرة ، فتاب إلى الله ، وأناب بالزهد والطاعة . انتهى . وتقدم في آية : { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [ البقرة : 186 ] فوائد تناسب هذا المقام ، فلتراجع . ثم أشار تعالى إلى أنه كيف لا يلزم العباد عبادته ، وقد أنعم عليهم بما يقضي شكره بالعبادة ، مما أجلاه منافع الليل والنهار ، بقوله سبحانه : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ … } .