Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 14-16)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } قال الزمخشريّ : أي : أتوهم من كل جانب ، واجتهدوا بهم ، وأعملوا فيهم كل حيلة ، فلم يروا منهم إلا العتوّ والإعراض كما حكى الله تعالى عن الشيطان { لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } [ الأعراف : 17 ] ، يعني لآتينهم من كل جهة ، ولأعملن فيهم كل حيلة ، وتقول : ( استدرت بفلان من كل جانب ، فلم يكن لي فيه حيلة ) . وحاصله جعل الجهتين كناية عن جميع الجهات ، علي ما عرف في مثله . والمراد بإتيانهم من جميع الجهات ، بذل الوسع في دعوتهم على طريق الكناية ، ويحتمل أن المعنى : جاؤوهم بالوعظ من جهة الزمن الماضي وما جرى فيه على الكفار ، ومن جهة المستقبل وما سيجري عليهم . فالمراد بما بين أيديهم الزمن الماضي ، وبما خلفهم المستقبل . ويجوز فيه العكس ، كما ذكر في آية الكرسي . { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا } أي : إرسال رسول : { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } أي : من السماء بما تدعونا إليه { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي : من عبادة الله وحده { كَافِرُونَ * فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أي : حتى نخاف عذابه ، لو تركنا عبادته ، أو عبدنا معه غيره { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي : فيجب أن يحذر عقابه ويتقي عذابه { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا } أي : التي هي أقوى الدلائل { يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ } أي : لعتوّهم بالقوة { رِيحاً صَرْصَراً } أي : شديدة الصوت في هبوبها { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } أي : مشؤومات عليهم { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } أي : في الأخرى ، كما لم ينصروا في الدنيا . تنبيه قال الرازيّ : استدل الأحكاميون من المنجمين بهذه الآية على أن بعض الأيام قد يكون نحساً وبعضهاً قد يكون سعداً ؛ لأن النحس يقابله السعد ، والكدر يقابله الصافي . ثم أطال الرازيّ في الجواب والإيراد . ولا يخفى أن السعد والنحس إنما هو أمر إضافيّ لا ذاتيّ . وإلا لكان اليوم الذي يراه المنجمون نحسا ، مشؤوم الطالع على كل ما أشرقت عليه الشمس . وكذا ما يرونه سعدا ، والواقع بخلاف ذلك . إذ اليوم النحس عند زيد ، قد يكون سعداً عند بكر . بل الساعة بل الدقيقة . فأين تلك الدعوى ؟ والقرآن أتى على أسلوب العرب البديع . ومن لطائفهم تسمية وقت الشدّة والبؤس بالنحس ، ومقابلها بالسعد . فالنحس نحس على صاحبه ، والسعد سعد على صاحبه .