Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 63-64)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } أي : من أحكام التوراة وغيرها . كاختلاف اليهود في القيامة ، لعدم صراحتها في كتبهم . وقد جاء في نحوها آية { وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } [ آل عمران : 50 ] وقد وضع عن اليهود شيئاً من إصْر التوراة وأغلال الناموس ، كما فعل في يوم السبت ، خفف شدّة حكمه . قال بعض المحققين : وإنما لم يقل ( ولأبين لكم كل ما تختلفون فيه ) لأنه لم يفعل ذلك . بل ترك بيان كثير من الأشياء ، كالفساد الذي دخل في أغلب كتبهم للفارقليط ( محمد صلى الله عليه وسلم ) الذي يأتي بعده ، لعدم استعداد الناس في زمنه لقبول كل شيء منه . كما قال هو نفسه في ( إنجيل يوحنا ) في الإصحاح السادس عشر ، وخصوصاً إذا تعرّض للطعن في كتبهم ، وهي رأس مالهم الوحيد وتراث أجدادهم ، ولو فعل ذلك لشكّ فيه الكثيرون منهم وكذّبوه ، ولما اتبعه إلا الأقلون أو النادرون ، فتضيع الفائدة من بعثته التي بيناها في المتن ، وهي التي بعث من أجلها . وأما قول الله تعالى عن لسانه : { وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } [ آل عمران : 50 ] فالمراد بمثل هذا التعبير ، أنه بمجيئه عليه السلام تحققت نبوات التوراة عنه ، وبه صحت وصدقت . وكلمة ( التوراة ) تطلق على كتاب العهد القديم . فالمعنى أن مجيء عيسى كان وفق ما أنبأ به النبيون عنه من قبل . ولولاه لما صدقت تلك النبوات ، فإنها لا تنطبق إلا عليه . وليس المراد أن عيسى يقرّ كل ما في التوراة ، كما يتوهم النصارى الآن من مثل هذه الآية . وإلا لما قال بعدها مباشرة : { وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُم } [ آل عمران : 50 ] فكيف يقرّها وهو قد جاء ناسخا لبعض ما فيها ؟ فتدبر ذلك ولا تكن كهؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون ، ويفسرون ما لا يفهمون . انتهى كلامه . وهو وجيه جداً . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } قال ابن جرير : أي إن الله الذي يستوجب علينا إفراده بالألوهية وإخلاص الطاعة له ، ربي وربكم جميعاً . فاعبدوه وحده لا تشركوا معه في عبادته شيئاً . فإنه لا يصح ولا ينبغي أن يعبد شيء سواه { هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي : هذا الذي أمرتكم به ، من اتقاء الله وطاعتي ، وإفراد الله بالألوهية ، هو الطريق القويم . وإذا كان هذا قول عيسى عليه السلام ، فلا عبرة بقول الملحدين فيه والمفترين عليه ما لم يقله . ثم أشار إلى وعيد من خالف الحق بعد وضوحه ، بقوله تعالى : { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ … } .