Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 5-6)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } نصب على الاختصاص . أي : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا على مقتضى حكمتنا . وهو بيان لفخامته الإضافية ، بعد بيان فخامته الذاتية { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي : مرسلين إلى الناس رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آيات الله ، ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، رحمة منه تعالى بهم ، لمسيس الحاجة إليه كما قال تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] وجوز كون ( رحمة ) علة للإنزال . أي : رحمة تامة كاملة على العالمين بإنزاله ، لاستقامة أمورهم الدينية والدنيوية ، وصلاح معاشهم ومعادهم ، وظهور الخير والكمال والبركة والرشاد فيهم بسببه . والوجه هو الأول ، وهو كونه غاية للإرسال ؛ لإفصاح تلك الآية عنه { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } أي : لدعوة حقائق الأشياء بمقتضياتها { ٱلْعَلِيمُ } أي : بمقادير قابلياتها ، فلا يبعد عليه الإرسال والإنزال ، قاله المهايميّ : وقال القاشانيّ : أي : السميع لأقوالهم المختلفة في الأمور الدينية الصادرة عن أهوائهم ، { ٱلْعَلِيمُ } أي : بعقائدهم الباطلة وآرائهم الفاسدة وأمورهم المختلة ومعايشهم غير المنتظمة . فلذلك رحمهم بإرسال الرسول الهادي إلى الحق في أمر الدين ، الناظم لمصالحهم في أمر الدنيا ، المرشد إلى الصواب فيهما ، بتوضيح الصراط المستقيم ، وتحقيق التوحيد بالبرهان ، وتقنين الشرائع وسنن الأحكام لضبط النظام .