Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 15-15)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً } وقرئ " حُسناً " وهذا تمهيد لمن عقهما وعصاهما في الإيمان المذكور ، في قوله تعالى : { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ … } [ الأحقاف : 17 ] الآية . { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } أي : ذات كُرْه ، أو حملاً ذا كُرْه ، وهو المشقة . { وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ } أي : حمله جنيناً في بطنها ، وفطامه من الرضاع { ثَلٰثُونَ شَهْراً } أي : تمضي عليها بمعاناة المشاق ، ومقاساة الشدائد لأجله ، مما يوجب للأم مزيد العناية ، وأكيد الرعاية ، لا يقال : بقي ثلاثة أشهر ؛ لأن أمد الرضاع حولان ، لأنا نقول : إن الحولين أَمَدُ من أراد تمام الأجل ، وإلا فأصله أقل منهما ، كما ينبئ عنه قوله تعالى : { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] ولئن سلم أنهما أمدها ، فيكون في الآية اكتفاء بالعقود ، وحذف الكسور ، جرياً على عرفهم في ذلك ، كما ذكروه في حديث أنس في وفاته صلى الله عليه وسلم على رأس ستين سنة ، مع أن الصحيح أنه توفي عن ثلاث وستين ، كما بين في شرح الشمائل . قالوا : إن الراوي للأولى اقتصر فيها على العقود وترك الكسور ، وسرّ ذلك هو القصد إلى ذكر المهم ، وما يكتفي به فيما سيق له الكلام ، لا ضبط الحساب ، وتدقيق الأعداد . قال ابن كثير : وقد استدل عليٌّ رضي الله عنه بهذه الآية مع التي في لقمان { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } [ لقمان : 14 ] وقوله تبارك وتعالى : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وهو استنباط قويّ صحيح ، ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم . { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } أي : استحكم قوته وعقله { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ } أي : ألهمني { أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } أي : بالهداية للتوحيد ، والعمل بطاعتك ، وغير ذلك . { وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } أي : واجعل الصلاح سارياً في ذريتي ، راسخاً فيهم { إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ } أي : من ذنوبي التي سلفت مني { وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي : المستسلمين لأمرك ونهيك ، المنقادين لحكمك .