Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 21-21)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } معطوف على { هَـٰذِهِ } أي : فعجّل لكم هذه المغانم ، ومغانم أخرى ، وهي مغانم هوازن في غزوة حنين ، لأنه قال : { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } وهذا يدل على ما تقدم محاولة لها . وقال الحسن : هي فارس والروم . قال القرطبيّ : وكونها معجلة ، وإن كانت لم تحصل إلا في عهد عمر ، بالنسبة لما بعدها من الغنائم الإسلامية . وعن قتادة : هي مكة . قال ابن جرير : وهذا القول الذي قاله قتادة ، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل . وذلك أن الله أخبر هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة أنه محيط بقرية لم يقدروا عليها ، ومعقول أنه لا يقال لقوم ، لم يقدروا على هذه المدينة ، إلا أن يكونوا قد راموها فتعذرت عليهم . فأما وهم لم يروموها فتتعذر عليهم ، فلا يقال إنهم لم يقدروا عليها . فإذا كان ذلك كذلك ، وكان معلوماً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقصد قبل نزول هذه الآية عليه ، خيبرَ لحربٍ ، ولا وجّه إليها لقتال أهلها جيشاً ولا سرية ، عُلم أن المعنى بقوله : { وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } غيرها ، وأنها هي التي عالجها ورامها فتعذرت ، فكانت مكة وأهلها كذلك ، وأخبر الله تعالى نبيّه والمؤمنين ، أنه أحاط بها وبأهلها ، وأنه فاتحها عليهم . انتهى . وقال القرطبيّ : معنى : { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } أي : أعدها لكم ، فهي كالشيء الذي أحيط به من جميع جوانبه ، فهو محصور لا يفوت . فأنتم ، وإن لم تقدروا عليها في الحال ، فهي محبوسة عليكم لا تفوتكم . وقيل : { أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } علم أنها ستكون لكم ، كما قال : { وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الطلاق : 12 ] . وقيل : حفظها الله عليكم ، ليكن فتحها لكم . انتهى . وقد جوّز في { وَأُخْرَىٰ } أن تكون معطوفة على { مَغَانِمَ } المنصوب بـ { وَعَدَكُمُ } وأن تكون مرفوعة بالابتداء و { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } صفتها و { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } خبر . وأوجه أخر . { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } أي : لا يبعد عليه إذا شاءه . ثم أشار تعالى إلى تبشير أهل بيعة الرضوان بالظفر ، والنصر المستمر ، لصدق إيمانهم ، وإخلاصهم في ثباتهم ، وإيثارهم مرضاة الله ورسوله على كل محبوب ، بقوله : { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ … } .