Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 8-8)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ } أي : مقتضى إيمانكم الاستقامة ، فكونوا مبالغين في الاستقامة باذلين جهدكم فيها لله . وهي إنما تتم بالنظر في حقوق الله وحقوق خلقه فكونوا { شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ } أي : العدل . لا تتركوه لمحبة أحد ولا لعداوة أحد { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } أي : لا يحملنكم { شَنَآنُ } أي : شدة عداوة { قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ } في حقهم . قال المهايميّ : أي : فإنّا لا نأمركم به من حيث ما فيه من توفية حقوق الأعداء ، بل من حيث ما فيه من توفية حقوق أنفسكم في الاستقامة { ٱعْدِلُواْ هُوَ } - أي : العدل - { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } أي : لحفظ الأنفس أن تتجاوز حدّ استقامتها { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : أن تبطلوا حقوقه أو حقوق عباده ولو بطريقٍ توهمون فيه العدل { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الأعمال فيجازيكم بذلك . وقد ثبت في ( الصحيحين ) عن النعمان بن بشير أنه قال : " نحلني أبي نحلاً . فقالت أمي : لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاءه ليشهده على صدقتي فقال : " أكلَّ ولدك نحلت مثله ؟ " قال : لا . فقال : " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " . وقال : " إني لا أشهد على جور " . قال ، فرجع أبي فردّ تلك الصدقة " . قال بعض المفسرين : ثمرة الآية : الدلالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالقسط يدخل فيه الشهادة بالعدل والحكم به ، وكذلك الفتوى ، وأن قول الحق لا يترك وجوبه بعدوّ ولا صديق ، ولا يجوز إتباع الهوى . قال الزمخشريّ : وفي هذا تنبيه عظيم على أن العدل إذا كان واجباً مع الكفار الذين هم أعداء الله ، إذا كان بهذه الصفة من القوة ، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه .