Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 19-19)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ } أي : شدَّته المحيِّرة الشاغلة للحواس ، المذهلة للعقل { بِالْحَقِّ } أي : بالموعود الحق ، والأمرِ المحقَّق ، وهو الموت فالباء للملابسة . أو بالموعود الحق من أمر الآخرة ، والثواب والعقاب الذي غفل عنه ، فالباء للتعدية ، أي : أحضرت سكرة الموت حقيقة الأمر ، وهي أحوالها الباطنة ، وأظهرتها عليه . قال الشهاب : السكرة استعيرت للشدة ، ووجه الشبه بينهما أن كلاً منهما مذهِب للعقل ، فالاستعارة تصريحية تحقيقية . ويجوز أن يشبه الموت بالشراب على طريق الاستعارة المكنية . وإثبات السكرة لها تخييل . { ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } أي : تَفرّ . والجملة على تقدير القول ، أي : يقال له وقت الموت : ذلك الأمر الذي رأيته هو الذي كنت منه تحيد في حياتك ، فلم ينفعك الهرب والفرار . وهل المشار إليه بذلك ، الحق أو الموت ؟ قال الطيبيّ : إن اتصل قوله : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ … } إلخ ، بقوله : { فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ ق : 15 ] وما معه ، فالمشار إليه بذلك الحق ، والخطاب للفاجر ، أي : جاءك أيها الفاجر الحقُّ الذي أنكرته ، وإن اتصل بقوله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ … } [ ق : 16 ] إلخ ، فالمشار إليه الموت ، والالتفات لا يفارق الوجهين ، والثاني هو المناسب ، لقوله : { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } [ ق : 21 ] بعده ، وتفصيله { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } [ ق : 24 ] { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } [ ق : 31 ] انتهى .