Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 22-22)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } في المخاطب بهذا ، أقوال ثلاثة : أحدها : أنه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أتى بهذه الجملة معترضة في خلال أمر النبأ الأُخرويّ ، تنويهاً بمِنَّة الإعلام بذلك ، والتعريف به ، ثم شدة نفوذ البصر به ، والوقوف على غوامضه ، بعد خلوِّ الذهن عنه رأساً . والمعنى : لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك ، فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك ؛ فبصرك اليوم حديد ، نافذ قويّ ، ترى ما لا يرون ، وتعلم ما لا يعلمون . ومثله آية { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [ الشورى : 52 ] . وثانيها : أنه الكافر ، وأن الكلام على تقدير القول ، أي : يقال له : لقد كنت في غفلة من هذا الذي عاينت اليوم من الأهوال ، فكشفنا عنك غطاءك بأن جلينا لك ذلك ، وأظهرناه لعينيك ، حتى رأيته وعاينته ، فزالت الغفلة عنك . ومثله عن الكفار آية { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] ، وآية { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } [ السجدة : 12 ] . وثالثها : أنه الإنسان مطلقاً ، لقوله : { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ } ، والمقصود أنه كشف الغطاء عن البرَََِّ والفاجر ، ورأى كل ما يصير إليه . وعوَّل ابن جرير في الأولوية على الثالث . قال الزمخشريّ : جعلت الغفلة كأنها غطاء غطى بها جسده كله ، أو غشاوة غطى بها عينيه ، فهو لا يبصر شيئاً ، فإذا كان يوم القيامة تيقظ ، وزالت الغفلة عنه وغطاؤها ، فيبصر ما لم يبصره من الحق . وقال القاشانيّ في تأويل الآية : { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } لاحتجابك بالحس والمحسوسات ، وذهولك عنه ؛ لاشتغالك بالظاهر عن الباطن { فَكَشَفْنَا عَنكَ } بالموت { غِطَآءَكَ } الماديّ الجسمانيّ الذي احتجبت به { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } أي : إدراكك لما ذهلت عنه ولم تصدِّق بوجوده ، قويّ تعاينه . انتهى .