Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 24-30)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } يعني : الملائكة الذين دخلوا عليه في صورة ضيف . قال الزمخشريّ : فيه تفخيم للحديث ، وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما عرفه بالوحي . وإكرامهم أن إبراهيم خدمهم بنفسه ، وأخدمهم امرأته ، وعجل لهم القِرى ، أو أنهم في أنفسهم مكرمون . { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ } أي : سلام عليكم { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أي : أنتم قوم لا أعرفكم . وهو كالسؤال منه عن أحوالهم ، ليعرفهم . فإن قولك لمن لقيته : أنا لا أعرفك ! في قوة قولك : عرف لي نفسك وَصِفْهَا . { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } أي : ذهب إليهم خفية من ضيوفه . ومن أدب المضيف : أن يخفي أمره ، وأن يبادر بالقرى من غير أن يشعر به الضيف ؛ حذراً من أن يكفّه ويعذره - قاله الزمخشريّ - وأيده الناصر بما حكى عن أبي عبيد : أنه لا يقال : راغ ، إلا إذا ذهب على خفية وأنه يقال روَّغ اللقمة إذا غمسها فرويت سمناً ، قال الناصر : وهو من هذا المعنى ؛ لأنها تذهب مغموسة في السمن حتى تخفى . ومن مقلوباته : ( غوّر الأرض ) والجزح ، وسائر مقلوباته قريبة من هذا المعنى . انتهى . { فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } أي : قد أنضجه شيّا { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } أي : بأن وضعه بين أيديهم { قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } أي : منه . قال القاضي : وهو مشعر بكونه حنيذاً . والهمزة فيه للعرض ، والحث على الأكل على طريقة الأدب ، إن قاله أول ما وضعه ، وللإنكار إن قاله حينما رأى إعراضهم . { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أي : أضمرها لظنه أنهم أرادوا به سوءاً { قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } أي : يبلغ ويكمل عمله { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } أي : صيحة { فَصَكَّتْ } أي : لطمت { وَجْهَهَا } أي : تعجباً ، على عادة النساء في كل غريب عندهن ، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي : عاقر ليس لي ولد { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ } أي : مثل الذي قلنا وأخبرنا به ، قال ربك ، فإنما نخبرك عن الله ؛ فاقبلي قوله ، ولا تتوهمي عليه خلاف الحكمة ، ولا الجهل ، بعدم قبولك للولادة . { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } .