Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 52-54)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَذَلِكَ } أي : كما ذكر من تكذيبهم الرسول ، وتسميتهم له ساحراً أو مجنوناً ، { مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } يعني : تقليداً لآبائهم ، واقتداء لآثارهم ، فمورد جهالتهم مؤتلف ، ومشرع تعنتهم متحد . وقوله تعالى : { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } إنكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء ، فضلاً عن التفوُّه بها ، أي : أأوصى بهذا القول بعضهم بعضاً حتى اتفقوا عليه . وقوله تعالى : { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } إضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشر تواصيهم بذلك ، وإثبات لكونه أمراً أقبح من التواصي وأشنع منه ، من الطغيان الشامل للكل ، الدالّ على أن صدور تلك الكلمة الشنيعة من كل واحد منهم ، بمقتضى جبلَّته الخبيثة ، لا بموجب وصية مَن قبلهم بذلك - أفاده أبو السعود . { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي : أعرض عن مقابلتهم بالأسوأ ، كقوله تعالى : { وَدَعْ أَذَاهُمْ } [ الأحزاب : 48 ] ، وقوله : { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } [ المزمل : 10 ] { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أي : في إعراضهم ، إذ لست عليهم بجبار ولا مسيطر ، وما عليك من حسابهم من شيء . تنبيه قول بعض المفسرين هنا - { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي : فأعرض عن مجادلتهم ، بعد ما كررت عليهم الدعوة - بعيد عن المعنى بمراحل ؛ لأن مجادلتهم مما كان مأموراً بها على المدى ؛ لأنها العامل الأكبر لإظهار الحق ، كما قال تعالى : { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً } [ الفرقان : 52 ] . وكذا قول البعض في قوله تعالى : { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أي : في إعراضك بعد ما بلغت ، فإنه مناف للأمر بالذكرى بعد . فالصواب ما ذكرناه في تفسير الآية ؛ لأنه المحاكي لنظائرها . وأعقد التفاسير ما كان بالأشباه والنظائر - كما قيل : وخير ما فسرته بالوارد .