Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 48-48)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } أي : الذي حكم به عليك ، وامض لأمره ونهيه ، وبلغ رسالاته . { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } قال ابن جرير : أي : بمرأى منا ، نراك ونرى عملك ، ونحن نحوطك ونحفظك ، فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين . وقال الشهاب : يعني : أن العين ، لما كان بها من الحفظ والحراسة ، استعيرت لذلك ، وللحافظ نفسه ، كما تسمى ( الربيئة ) عيناً ، وهو استعمال فصيح مشهور . ونكتة جمع ( العين ) هنا وإفرادها في قصة الكليم ، عدا عن أنه جمع هنا لما أضيف لضمير الجمع ، ووحد ثمة لإضافته لضمير الواحد ، هو المبالغة في الحفظ ، حتى كأن معه جماعة حفظة له بأعينهم ؛ لأن المقصود تصبير حبيبه على المكايد ومشاقّ التكاليف والطاعة ؛ فناسب الجمع ، لأنها أفعال كثيرة ، يحتاج كل منها إلى حارس بل حراس . بخلاف ما ذكر هناك من كلاءة موسى عليه السلام { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } أي : من منامك . وروى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من تعارَّ من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ثم قال : رب اغفر لي ( أو قال : ثم دعا ) استجيب له ، فإن عزم فتوضأ ثم صلى ، قبلت صلاته " وأخرجه البخاريّ في صحيحه وأهل السنن . وورد من أذكار الاستيقاظ من النوم قول : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله القدوس . ولا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم أستغفر لذنبي ، وأسألك رحمتك ، اللهم زدني علماً ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . وقيل : حين تقوم إلى الصلاة - روى مسلم في صحيحه عن عمر ؛ أنه كان يقول في ابتداء الصلاة : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، ورواه أحمد وأهل السنن عن أبي سعيد وغيره ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول ذلك . وعن مجاهد : حين تقوم من كل مجلس . وكذا قال عطاء وأبو الأحوص . روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من جلس في مجلس ، فكثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أستغفرك وأتوب إليك - إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك " - رواه الترمذيّ وصححه ، وكذا الحاكم . وأخرج أبو داود والنسائيّ والحاكم عن أبي برزة الأسلميّ قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة ، إذا أراد أن يقوم من المجلس : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك " . فقال رجل : يا رسول الله ! إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى ؟ ! قال : " كفارة لما يكون في المجلس " " . وقد أفرد الحافظ ابن كثير لهذا الحديث جزءاً على حدة ، ذكر فيه طرقه وألفاظه ، وعللّه ، فرحمه الله . ولا يخفى أن لفظ الآية يصدق بالمواضع المذكورة كلها ، وتدل الأحاديث المذكورة على الأخذ بعمومها ، فإن السنة بيان للكتاب الكريم .