Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 32-32)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } يعني : ما كبر الوعيد عليه من المناهي { وَٱلْفَوَاحِشَ } يعني ما فحش منها . والعطف إما من عطف أحد المترادفين أو الخاص على العام { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } أي : الصغائر من الذنوب . ومثّله أبو هريرة بالقُبلة والغمزة والنظرة - فيما رواه ابن جرير - وأصل معناه : ما قل قدره . ومنه : لمة الشَّعر ، لأنها دون الوفرة . وقيل : معناه الدنو من الشيء دون ارتكاب له . والاستثناء منقطع على ما ذكر . أي : إلا اللمم بما دون الكبائر والفواحش ، فإنه عفو . وقيل : متصل ، والمراد مطلق الذنوب . وقيل : إنه لا استثناء فيه أصلاً . و ( إلا ) صفة بمعنى غير - وتفصيله في ( العناية ) . وحكى ابن جرير عن ابن عباس وغيره ، أن معنى { ٱللَّمَمَ } ما قد سلف لهم مما ألموا به من الفواحش والكبائر في الجاهلية قبل الإسلام ، وغفرها لهم حين أسلموا . وعن ابن عباس أيضاً قال : هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب ولا يعود . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن تغفر اللهم تغفر جماً وأيّ عبد لك لا ألما " . وقال الحسن : { ٱللَّمَمَ } أن يقع الوقعة ثم ينتهي . وكل هذا مما يتناوله اللفظ الكريم والأقوى في معناه هو الأول ، ولذا استدل بالآية على تكفير الصغائر باجتناب الكبائر ، كما قال تعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ } [ النساء : 31 ] . { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } قال ابن جرير : أي : واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ } قال ابن جرير : أي : أحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } أي : حيثما يصوركم في الأرحام { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي : تشهدوا لها بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي ، والمراد به الثناء تمدحاً أو رياءً { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } أي : بمن اتقاه فعمل بطاعته ، واجتنب معاصيه وأصلح ، وهذا كقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ النساء : 49 ] . وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال : " مدح رجل رجلاً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويلك ! قطعت عنق صاحبك ( مراراً ) إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة ، فليقل : أحسب فلاناً ، والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحداً ، أحسبه : كذا وكذا إن كان يعلم ذلك " .