Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 3-4)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي : ما ينطق بهذا القرآن عن هواه ورأيه . وفيه تعريض بهم أيضاً { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } أي : ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه . وجملة { يُوحَىٰ } صفة مؤكدة لـ { وَحْيٌ } رافعة لاحتمال المجاز ، مفيدة للاستمرار التجدديّ . والضمير للقرآن ؛ لفهمه من السياق ، ولأن كلام المنكرين كان في شأنه . وأرجعه بعضهم إلى ما ينطق به مطلقاً . واستدل على أن السنن القولية من الوحي ، وقوّاه بما في ( مراسيل ) أبي داود عن حسان بن عطية قال : كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة ، كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلمه إياها ، كما يعلمه القرآن ، واستدل أيضاً على منع الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم . والصواب هو الأول ، أعني : كون مرجع الضمير للقرآن ، لما ذكرناه ، فإنه ردّ لقولهم : { ٱفْتَرَاهُ } [ يونس : 38 ] والقرينة من أكبر المخصصات . وجليّ أنه صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول بالرأي في أمور الحرب ، وأمور أخرى . فلا بد من التخصيص قطعاً ، وبأنه لا قوة في المراسيل ، لما تقرر في الأصول . وبأن الآية لا تدل على منع الاجتهاد المذكور ، ولو أعيد الضمير لما ينطق مطلقاً ؛ لأن الله تعالى إذا سوغ له الاجتهاد ، كان الاجتهاد وما يستند إليه كله وحياً ، لا نطقاً عن الهوى ؛ لأنه بمنزلة أن يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( متى ما ظننتَ كذا فهو حكمي ) أي : كل ما ألقيته في قلبك فهو مرادي ، فيكون وحياً حقيقة ، لاندراجه تحت الإذن المذكور ؛ لأنه من أفراده . فما قيل عليه من أن الوحي الكلام الخفيّ المدرك بسرعة ، فلا يندرج فيه الحكم الاجتهادي إلا بعموم المجاز مع أنه يأباه قوله : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } [ االنجم : 5 ] غير وارد عليه ، بعدما عرفت من تقريره - نقله في ( العناية ) عن ( الكشف ) - وتفصيل المسألة في مطولات الأصول .