Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-59)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } أي : قيامه عند ربه للحساب ، فأطاعه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ؛ فإضافته للرب لأنه عنده ، فهو كقول العرب : ناقة رقود الحلب ، أي : رقود عند الحلب ، أو موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب ، فإضافته للرب لامية لاختصاص الملك يومئذ به تعالى . أو هو كناية عن خوف الرب ، وإثبات خوفه له بطريق برهانيّ بليغ ؛ لأن من حصل له الخوف من مكان أحد يهابه ، وإن لم يكن فيه ، فخوفه منه بالطريق الأولى ، وهذا كما يقول المترسلون : المقام العالي ، والمجلس السامي { جَنَّتَانِ } أي : جنة لمن أطاع من الإنس ، وجنة لمن أطاع من الجن . أو هو كناية عن مضاعفة الثواب ، وإيثار التثنية للفاصلة { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } أي : بإثابته المحسن ما وصف { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } أي : أنواع من الأشجار والثمار ، جمع ( فن ) بمعنى النوع ، أو أغصان لينة ، جمع ( فَنَن ) وهو ما دقَّ ولان من الغصن { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } وهو ما غلظ من الديباج . نبه على شرف الظهارة ، بشرف البطانة ، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى . قال ابن مسعود : هذه البطائن ، فكيف لو رأيتم الظواهر ؟ ! { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } أي : وثمرهما المجنيّ داني القطوف { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } أي : منكسرات الجفن ، خافضات النظر ، غير متطلعات لما بعد ، ولا ناظرات لغير زوجها . أو معناه : إن طرف النظر لا يتجاوزها ، كقول المتنبيّ : @ وخصرٍ تثبتُ الأبصارُ فيهِ كأنَّ عليه من حَدَقٍ نِطاقًا @@ فالمراد : قاصرات طرف غيرهن عن التجاوز لغيرهن . أو المعنى : شديدات بياض الطرف ، كما يقال : أحور الطرف وحوراؤه ، من قولهم : ثوب مقصور وحواري . وجليّ أن المعاني ههنا لا تتزاحم لتحقق مصداقها كلها { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } أي : لم يمسهن . وأصله خروج الدم ، ولذلك يقال للحيض : ( طمث ) ثم أطلق على جماع الأبكار ، لما فيه من خروج الدم ، ثم عمّ كل جماع . وقد يقال : إن التعبير به للإشارة إلى أنها توجد بكراً كلما جومعت . ويستدل بالآية على أن الجن يطمثن ويدخلن الجنة . { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } أي : في الحسن والبهجة ، أو في حمرة الوجنة والوجه ، أدباً وحياءً { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .