Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 68-70)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } يعني : العذب الصالح للشرب { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } أي : السحاب المعبر عنه بالسماء في غير ما آية { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } أي : لكم إلى قرار الأرض ، ومسلكوه ينابيع فيها { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } أي : ملحاً لا يصلح لشراب ولا زرع { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } أي : نعمة الله عليكم في جعله عذباً فراتاً ، لشربكم وزرعكم ، وصلاح معايشكم ومنافعكم . لطيفة قال الإمام ابن الأثير في ( المثل السائر ) في النوع الحادي عشر من المقالة الثانية ، في بحث ورود لام التوكيد في الكلام ، وأنها لا تجيء إلا لضرب من المبالغة ، في سر مجيء اللام في قوله تعالى : { لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } [ الواقعة : 65 ] دون قوله : { جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } ما مثاله : أدخلت اللام في آية المطعوم ، دون آية المشروب . وإنما جاءت كذلك ؛ لأن جعل الماء العذب ملحاً ، أسهل إمكاناً في العرف والعادة . والموجودُ من الماء الملح ، أكثر من الماء العذب ، وكثيراً ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة ، أحالتها إلى الملوحة . فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحاً ، إلى زيادة تأكيد . فلذلك لم تدخل عليه لام التأكيد المفيدة زيادة التحقيق . وأما المطعوم فإن جعله حطاماً من الأشياء الخارجة عن المعتاد ، وإذا وقع فلا يكون إلا عن سخط من الله شديد ، فلذلك قرن بلام التأكيد ، زيادة في تحقيق أمره ، وتقرير إيجاده . انتهى .