Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 7-12)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً } أي : أصنافاً { ثَلاَثَةً * فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } تقسيم وتنويع للأزواج الثلاثة ، مع الإشارة الإجمالية إلى أحوالهم قبل تفصيلها . وإطلاق { ٱلْمَيْمَنَةِ } و { ٱلْمَشْأَمَةِ } اللتين هما الجهتان المعروفتان ، على منزلة السعداء الذين هم الأبرار والمصلحون من الناس ، وعلى دركة الأشقياء الذين هم الأشرار والمفسدون من الناس - أصله من تيمُّنِ العرب باليمين ، وتشاؤمهم بالشمال ، كما في السانح والبارح ، وقولهم للرفيع : هو مني باليمين ، وللوضيع : هو مني بالشمال ، تجوّزاً به ، أو كناية به عما ذكر . وقيل : الميمنة والمشأمة بمعنى : اليمن والشؤم ، فليس بمعنى الجهة ، بل بمعنى البركة وضدها ، لما عاد عليهم من أنفسهم وأفعالهم . و في جملتي الاستفهام إشارة إلى ترقي أحوالهما في الخير والشر ، تعجُّباً منه . { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } أي : الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة ، بعد ظهور الحق ، وأوذوا لأجله ، وصبروا على ما أصابهم ، وكانوا الدعاة إليه . فإن قيل : لم خولف بين المذكورين في السابقين ، وفي أصحاب اليمين ، مع أن كل واحد منهما إنما أريد به التعظيم والتهويل لحال المذكورين ؟ فنقول : التعظيم المؤدي بقوله : { ٱلسَّابِقُونَ } أبلغ من قرينه . وذلك أن مؤدي هذا أن أمر السابقين ، وعظمة شأنه ، ما لا يكاد يخفى . وإنما تحير فهم السامع فيه مشهور . وأما المذكور في قوله : { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } فإنه تعظيم على السامع بما ليس عنده منه علم سابق . ألا ترى كيف سبق بسط حال السابقين بقوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } فجمع بين اسم الإشارة المشار به إلى معروف ، وبين الإخبار عنه بقوله : { الْمُقَرَّبُونَ } معرفاً بالألف واللام العهدية ؟ وليس مثل هذا مذكوراً في بسط حال أصحاب اليمين ، فإنه مصدر بقوله : { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } [ الواقعة : 28 ] أفاده الناصر . و { ٱلسَّابِقُونَ } الثاني إما خبر ، أي الذين عرفت حالهم ، واشتهرت أوصافهم على حدّ ( وشِعري شعري ) ، أو تأكيد ، والخبر قوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } أي : الذين يقرّبهم الله منه بإعلاء منازلهم { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } .