Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 16-16)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ يَأْنِ } أي : ألم يحن . من ( أنى الأمر ) يأنى ، إذا جاء إناه ، أي : وقته { لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } أي : أن تلين وترقّ وتخلص قلوبهم لذكر اسمه الكريم وما يوجبه من الوجل منه والخشية ، أو لذكر وعده ووعيده . { وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } يعني : القرآن الذي لو أنزل على جبل لتصدع . قال أبو السعود : ومعنى الخشوع له : الانقياد التامّ لأوامره ونواهيه ، والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام ، التي من جملتها ما سبق وما لحق من الإنفاق في سبيل الله تعالى . وقد قيل : إن عطفه على الذكر عطف أحد الوصفين على الآخر ، وأن ذكر الله ككلام الله ، بمعنى : القرآن . وكذا ما نزل من الحق ، فالعطف لتغاير العنوانين ، فإنه ذكر وموعظة ، كما أنه حق نازل . { وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } أي : الأجل والإمهال والاستدراج { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي : لزوال الخشية والروعة التي كانت تأتيهم من الكتابين { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } أي : خارجون عن دينهم ، نابذون لما في كتابهم . تنبيه قال ابن كثير : في الآية نهي للمؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى ، فإنهم لما تطاول عليهم الأمد ، وبدلوا كتاب الله الذي بأيديهم ، واشتروا به ثمناً قليلاً ، ونبذوه وراء ظهورهم ، وأقبلوا على الآراء المختلفة ، والأقوال المؤتفكة ، وقلدوا الرجال في دين الله ، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ، فقست قلوبهم ، وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه ، ولهذا نهى المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية ، ونظير الآية قوله تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ … } [ النساء : 155 ، والمائدة : 13 ] إلى آخرها .