Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 1-2)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تقدم القول في تأويل نظيره . ثم أشار إلى بيان بعض آثار عزته تعالى ، وإحكام حكمته ، إثر وصفه بالعزة القاهرة ، والحكمة الباهرة على الإطلاق ، بقوله : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني : بني النضير من اليهود { مِن دِيَارِهِمْ } أي : مساكنهم التي جاوروا بها المسلمين حول المدينة ، لطفاً بهم { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ } أي : لأول الجمع لقتالهم . يعني : أخرجهم تعالى بقهره لأول ما حُشِر لغزوهم . والتوقيت به إشارة إلى شدة الأخذ الربانيّ لهم ، وقوة البطش والانتقام ، بقذف الرعب في قلوبهم ، حتى اضطروا لأول الهجوم عليهم ، إلى الجلاء والفرار ، كما يأتي . { مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ } أي : لشدة بأسهم ومنعتهم ، فصار آية لكم ؛ لأنه من آثار سنته تعالى في إذلال المفسدين وقهرهم . { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ } أي : من بأسه { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ } أي : عذابه ، وهو الرعب والاضطرار إلى الجلاء { مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } أي : لم يظنوا { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } أي : أنزله إنزالاً شديداً فيها ، لدلالة مادة ( القذف ) عليه ، كأنه مقذوف الحجارة . قال القاشانيّ : أي نظر بنظر القهر إليهم فتأثروا به ، لاستحقاقهم لذلك ، ومخالفة الحبيب ومشاقته ومضادته ، ولوجود الشك في قلوبهم ، وكونهم على غير بصيرة من أمرهم ، وبينة من ربهم ، إذ لو كانوا أهل يقين ما وقع الرعب في قلوبهم ، ولعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنور اليقين ، وآمنوا به فلم يخالفوه . { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } أي : كيف حل بالمفسدين ما حل ونزل بهم ما نزل ، لتعلموا صدق الله في وعده ووعيده .