Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 5-5)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ } أي : نخلة من نخيلهم إغاظة لهم { أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي : أمره ورضاه ؛ لأن ذلك ليس للعبث والإضرار ، بل لتأييد قوة الحق ، وتصلب أهله ، وإرهاب المبطلين وإذلالهم ، كما قال تعالى : { وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ } أي : لما فيه من إهانة العدوّ ، وإضعافه ونكايته . تنبيه ذكر علماء الأخبار وأئمة السير ، أن سبب الأمر بجلاء بني النضير هو نقضهم العهد . قال الإمام ابن القيّم : لما قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة ، صار الكفار معه ثلاثة أقسام : قسم صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ، ولا يظاهروا عليه ، ولا يوالوا عليه عدوه ، وهم على كفرهم ، آمنون على دمائهم وأموالهم . وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة . وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه ، بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه . ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن . ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم . ومنهم من دخل معه في الظاهر ، وهو مع عدوه في الباطن ، ليأمن الفريقين ، وهؤلاء هم المنافقون . فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمر به ربه - تبارك وتعالى - فصالح يهود المدينة ، وكتب بينهم كتاب أمن ، وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة . فكانت بنو قينقاع أول من نقض ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحاربوا فيما بين بدر وأحد ، وحاصرهم صلى الله علبه وسلم ، ثم أمرهم أن يخرجوا من المدينة ، ولا يحاربوه بها . ثم نقض العهد بنو النضير . " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم يستعينهم في دية قتيلين من بني عامر ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم ، فتآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم ، وأن يعلو رجل فيلقي صخرة عليه ، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم ، وصعد ليلقي عليه صخرة ، ونزل الوحي على الرسول صلوات الله عليه بما أراد القوم . فقام ورجع بمن معه من أصحابه إلى المدينة . وأمر بالتهيؤ لحربهم . ثم سار بالناس ، حتى نزل بهم فحاصرهم ست ليال ، فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل وتحريقها ، ثم قذف الله في قلوبهم الرعب ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجْليهم ، ويكفّ عن دمائهم ، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ، ففعل . فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل . فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نِجَاف بابه ، فيضعه على ظهر بعيره ، فينطلق به . فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام ، وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت له خاصة يضعها حيث شاء ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار ، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقراً ، فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يُسلم من بني النضير إلا رجلان : يامين بن عمير بن كعب ، وأبو سعد ابن وهب ، أسلما على أموالهما فأحرزاها " . قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين : " ألم تر ما لقيتُ من ابن عمك ، وما همّ به من شأني ؟ " فجعل يامين بن عمير لرجل جعلاً على أن يقتل له عمرو بن جحاش ، فقتله فيما يزعمون . ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها ، يُذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته ، وما سلط عليهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما عمل به . فيهم . انتهى .