Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 111-111)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } أي : ولو أننا لم نقتصر على إيتاء ما اقترحوه هنا من آية واحدة ، بل نزلنا إليهم الملائكة ، كما قالوا : { لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ } [ الفرقان : 21 ] . { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } كما قالوا : { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الدخان : 36 ] ، { وَحَشَرْنَا } أي : جمعنا { عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ } من الحيوانات والنباتات والجمادات ، { قُبُلاً } أي : كفلاء بصحة ما بشروا به وأنذروا { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ } لغلوهم في التمرد والطغيان ، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } أي : إيمانهم فيؤمنوا ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } أي : إنهم لو أوتوا كل آية لم يؤمنوا ، فيقسمون بالله جهد أيمانهم على ما لا يكاد يكون . أو يجهلون أن الإيمان بمشيئة الله لا بخوارق العادات . قال القاشانيّ : وفي الحقيقة لا اعتبار بالإيمان المرتب على مشاهدة خوارق العادات ، فإنه ربما كان مجرد إذعان لأمر محسوس ، وإقرار باللسان ، وليس في القلب من معناه شيء ، كإيمان أصحاب السامريّ ، والإيمان لا يكون إلا بالجنان ، كما قال تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } [ الحجرات : 14 ] . تنبيهان الأول : يقرأ ( قُبُلا ) بضم القاف والباء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو جمع قبيل بمعنى : الكفيل ، مثل قليب وقُلُب ؛ والآخر : أنه مفرد ، كقُبُل الإنسان ودُبُره . وعلى كلا الوجهين هو حال من كلّ . ويقرأ بالضم وسكون الباء على تخفيف الضمة . ويقرأ بكسر القاف وفتح الباء ، وانتصابه على الظرفية . كقولهم : لي قبل فلان حق . أو على الحالية ، وهو مصدر ، أي : عياناً ومشاهدة . الثاني : في قوله تعالى : { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } حجة واضحة على المعتزلة ، لدلالته على أن جميع الأشياء بمشيئة الله تعالى ، حتى الإيمان والكفر . وقد اتفق سلف هذه الأمة ، وحملة شريعتها على أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن . وللمعتزلة تحيل في المدافعة بحمل المشيئة المنفية ، على مشيئة القسر والاضطرار . وإنما يتم لهم ذلك أن لو كان القرآن يتبع الآراء . وأما وهو القدوة والمتبوع ، فما خالفه حينئذ وتزحزح عنه ، فإلى النار ، وما بعد الحق إلا الضلال . ثم سلّى تعالى نبيه عما كان يقاسيه من قومه ، بتأسيه بمن سبقه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فقال سبحانه : { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ … } .