Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 117-117)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } تقرير لمضمون الشرطية ، وما بعدها . وتأكيد لما يفيده من التحذير . أي : هو أعلم بالفريقين ، فاحذر أن تكون من الأولين . أفاده أبو السعود . تنبيه قال الرازيّ : تمسك نفاة القياس بهذه الآية فقالوا : رأينا أن الله تعالى بالغ في ذم الكفار في كثير من آيات القرآن ، بسبب كونهم متبعين للظن . والشيء الذي يجعله الله تعالى موجباً لذم الكفار ، لا بد وأن يكون في المعنى في أقصى مراتب الذم . والعمل بالقياس يوجب اتباع الظن ، فوجب كونه مذموماً محرماً . لا يقال : لما ورد الدليل القاطع بكونه حجة ، كان العمل له عملاً بدليل مقطوع ، لا بدليل مظنون . لأنا نقول : هذا مدفوع من وجوه : الأول : أن ذلك الدليل القاطع إما أن يكون عقلياً ، وإما أن يكون سمعياً ، والأول باطل ؛ لأن العقل لا مجال له في أن العمل بالقياس جائز أو غير جائز ، لا سيما عند من ينكر تحسين العقل وتقبيحه . والثاني : أيضاً باطل ؛ لأن الدليل السمعيّ إنما يكون قاطعاً لو كان متواتراً ، أو كانت ألفاظه غير محتملة لوجه آخر ، سوى هذا المعنى الواحد . ولو حصل مثل هذا الدليل لعلم الناس بالضرورة كون القياس حجة ، ولارتفع الخلاف فيه بين الأمة . فحيث لم يوجد ذلك ، علمنا أن الدليل القاطع على صحة القياس مفقود . الثاني : هب أنه وجد الدليل القاطع على أن القياس حجة ، إلا أن مع ذلك لا يتم العمل بالقياس إلا مع اتباع الظن . وبيانه أن التمسك بالقياس مبنيّ على مقامين : الأول : أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا . والثاني : أن ذلك المعنى حاصل في محل الخلاف . فهذان المقامان ، إن كانا معلومين على سبيل القطع واليقين ، فهذا مما لا خلاف فيه بين العقلاء في صحته . وإن كان مجموعهما ، أو كان أحدهما ظنياً ، فحينئذ لا يتم العمل بهذا القياس إلا بمتابعة الظن ، وحينئذ يندرج تحت النص الدالّ على أن متابعة الظن مذمومة . والجواب لِمَ لا يجوز أن يقال : الظن عبارة عن الاعتقاد الراجح إذا لم يستند إلى أمارة ، وهو مثل اعتقاد الكفار . أما إذا كان الاعتقاد الراجح مستنداً إلى أمارة ، فهذا الاعتقاد لا يسمى ظناً ، وبهذا الطريق سقط هذا الاستدلال . انتهى .