Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-161)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو دين الإسلام الذي ارتضاه لعباده المخلصين { دِيناً } نصب على البدل من محل ( إلى صراط ) لأن معناه هداني صراطاً . بدليل قوله : { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ النساء : 175 ] أو مفعول لمضمر يدل عليه المذكور . أي عرفني ديناً . أو مفعول ( هداني ) . و ( هدى ) يتعدى إلى اثنين { قِيَماً } صفة ( ديناً ) يقرأ بالتشديد أي : ثابتاً أبداً لا تغيره الملل والنحل ، ولا تنسخه الشرائع والكتب ، مقوماً لأمر المعاش والمعاد . ويقرأ بالتخفيف على أنه مصدر نعت به . وأصله قِوَم كَعِوَض . فأعل لإعلال فعله كالقيام . { مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } المتفق على صحتها وهي التي أعرض بها عن كل ما سواه تعالى عطف بيان لـ ( ديناً ) { حَنِيفاً } حال من { إِبْرَاهِيمَ } أي مائلاً عن كل دين وطريق باطل ، فيه ما شرك ما . وقوله تعالى : { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } اعتراض مقرر لنزاهته عليه السلام عما عليه المفرقون لدينه من عقد وعمل . أي ما كان منهم في أمر من أمور دينهم أصلاً وفرعاً صرح بذلك رداً على الذين يدعون أنهم على ملته من مشركي مكة واليهود والنصارى . أفاده أبو السعود . تنبيه قال ابن كثير : هذه الآية كقوله تعالى : { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ النحل : 123 ] وليس يلزم من كونه أمر باتباع ملة إبراهيم الحنيفية ، أن يكون إبراهيم أكمل منه فيها . لأنه عليه السلام قام بها قياماً عظيماً ، وأكملت له إكمالاً تاماً لم يسبقه أحد إلى هذا الكمال . ولهذا قال : " أنا خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم على الإطلاق وصاحب المقام المحمود الذي يرغب إليه الخلق ، حتى الخليل عليه السلام " وروى ابن مردويه عن ابن أبزى عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال : " أصبحنا على ملة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا وملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين " وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : " قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيّ الأديان أحب إلى الله تعالى ؟ قال : " الحنيفية السمحة " وروى الإمام أحمد عن عائشة قالت : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبيه لأنظر إلى زَفنِ الحبشة . حتى كنت التي مللت ، فانصرفت عنهم ، وقالت عائشة : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : " ليعلم يهود أن في ديننا فسحة . إني أرسلت بحنيفية سمحة " " . وأعيد الأمر في قوله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } .