Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 21-21)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } كقولهم : الملائكة بنات الله ، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله . قال تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [ الأعراف : 28 ] . { أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ } أي : القرآن والمعجزات ، حيث سموها سحراً . وإنما ذكر ( أو ) مع أنهم جمعوا بين الأمرين ، تنبيهاً على أن كلاًّ منهما وحده بالغ غاية الإفراط في الظلم على النفس . فكيف ؟ وهم وقد جمعوا بينهما ، فأثبتوا ما نفاه الله تعالى ، ونفوا ما أثبته . { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } أي : لا ينجون من مكروه ، ولا يفوزون بمطلوب . وإذا كان حال الظالمين هذا ، فكيف بمن لا أحد أظلم منه ؟ تنبيه ما ذكرناه من كون الموصول كناية عن المشركين هو الظاهر ؛ لأن السورة مكية ، والخطاب مع مشركي أهلها . وجعله البيضاويّ لهم ، ولأهل الكتاب ، وقوفاً مع عموم اللفظ . والمهايميّ ؛ لأهل الكتاب خاصة ، ربطاً للآية بما قبلها . والظاهر الأول ، لما قلنا . وعبارة المهايميّ : { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } [ الأنعام : 20 ] بتفويت ما أوتوا من الكتاب ، وما أمروا به ، فهم لا يؤمنون . وكيف لا يخسرون ، وهم ظالمون ، وكل ظالم خاسر ؟ وإنما قلنا : إنهم ظالمون ، لأنهم يحرفون كتاب الله لفظاً أو معنىً ، فيفترون على الله الكذب ، ويكذبون آيات الله من كتابهم ، ومعجزات محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه . وقد يسترون بعض ما في كتابهم ، وهو أيضاً تكذيب . فعلوا جميع ذلك لأنه لا يتأتى لهم ترك الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بدون أحد هذه الأمور . وقال في قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ … } الآية : لأنهم بالتحريف يدْعون إلهية أنفسهم ، وبالتكذيب يريدون تعجيز الله عن تصديقه الرسل ، وينسبون إيجادها إلى غير الله ، مع افتقارها إلى القدرة الكاملة . وإنما قلنا : كل ظالم خاسر ؛ لأن كل ظالم لا يفلح . كما قال تعالى : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } أي : لا يفلحون في الدنيا بانقطاع الحجة عنهم ، وظهور المسلمين عليهم . وفيه إشارة إلى أن مدّعي الرسالة ، لو كان كاذباً كان مفترياً على الله ، فلا يكون مفلحاً ، فلا يكون سبباً لصلاح العالم ، ولا محلا لظهور المعجزات . انتهى .