Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 62-62)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } أي : الذي يتولى أمورهم . و ( الحَقَّ ) : العدل الذي لا يحكم إلا بالحق . قال ابن كثير : الضمير للملائكة . أو للخلائق المدلول عليهم بـ ( أحد ) . والإفراد أولاً ، والجمع آخراً لوقوع التوفي على الانفراد ، والرد على الاجتماع . أي : ردوا بعد البعث ، فيحكم فيهم بعدله ، كما قال : { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الواقعة : 49 - 50 ] وقال : { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 47 ] إلى قوله : { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] ولهذا قال : { مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ } . { أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ } يومئذ لا حكم فيه لغيره ، { وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ } يحاسب الخلائق في أسرع زمان . فوائد الأولى : قال ابن كثير : ونذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجلَ الصالحَ ، قالوا : اخرجي أيتها النفس الطيبة ، كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان . فلا يزال يقال ذلك ، حتى تخرج . ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها ، فيقال : من هذا ؟ فيقال : فلان . فيقولون ، مرحباً بالنفس الطيبة ، كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان ، فلا يزال يقال لها ، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل . وإذا كان الرجلَ السوء ، قالوا : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، كانت في الجسد الخبيث . اخرجي ذميمة ، وأبشري بحميم وغساق ، وآخر من شكله أزواج . فلا يزال حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها ، فيقال : من هذا ؟ فيقال : فلان ! فيقال : لا مرحباً بالنفس الخبيثة ، كانت في الجسد الخبيث . ارجعي ذميمة ، فإنه لا يفتح لك أبواب السماء ، فترسل من السماء ، ثم تصير إلى القبر . فيجلس الرجل الصالح ، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول ، ويجلس الرجل السوء ، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول " قال الحافظ ابن كثير : هذا حديث غريب . الثانية : قال بعض أهل الكلام : إن لكل حاسة من هذه الحواس روحاً تقبض عند النوم ، ثم ترد إليها إذا ذهب النوم . فأما الروح التي تحيا بها النفس ، فإنها لا تقبض إلا عند انقضاء الأجل . والمراد بالأرواح ، المعاني والقوى التي تقوم بالحواس ، ويكون بها السمع والبصر ، والأخذ والمشيء والشم . ومعنى : { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } [ الأنعام : 60 ] أي : يوقظكم ، ويرد إليكم أرواح الحواس فيستدل به على منكري البعث ؛ لأنه بالنوم يذهب أرواح هذه الحواس ثم يردها إليها . فكذا يحيي الأنفس بعد موتها - نقله النسفيّ - . الثالثة : قال الخازن : فإن قلت : قال الله في آية : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا } [ الزمر : 42 ] ، وقال في آية أخرى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } [ السجدة : 11 ] ، وقال هنا : { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } ، فكيف الجمع بين هذه الآيات ؟ . قلت : وجه الجمع أن المتوفي في الحقيقة هو الله تعالى . فإذا حضر أجل العبد ، أمر الله ملك الموت بقبض روحه ، ولملك الموت أعوان من الملائكة ، يأمرهم بنزع روح ذلك العبد من جسده ، فإذا وصلت إلى الحلقوم ، تولى قبضها ملك الموت نفسه ، فحصل الجمع . قال مجاهد : جعلت الأرض لملك الموت ، مثل الطشت ، يتناول من حيث شاء ، وجعلت له أعوان ينزعون الأنفس ثم يقبضها منهم . انتهى . ثم أمر تعالى أن يبكَّت المشركين بانحطاط شركائهم عما زعموا لها ، بأنهم يخصون الحق تعالى بالالتجاء إليه عند الشدائد بقوله : { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً … } .