Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 1-1)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } أي : أنصاراً . نهيٌ لأصحاب النبيّ صلوات الله عليه ، عن موالاة مشركي مكة المحاربين لله ولرسوله وقتئذ لما فيها من الفتنة بالدين وأهله كما يأتي . { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } أي : صميم المحبة ، والباء زائدة في المفعول { وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ } أي : من الإيمان بالله ورسوله وكتابه الذي هو نهاية الهدى وغاية السعادة . ثم أشار إلى أنه لم يكفهم ذلك حتى آذوا المؤمنين ، بما يقطع العلائق معهم رأساً ، بقوله { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } أي : من أرضكم ودياركم { أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ } أي : يخرجونكم لإيمانكم بالله ، الجامع للكمالات المقتضية انقياد الناقص له ، لاسيما باعتبار اتصافه بوصف كونه ربّاكم بالكمالات ، فهي بالحقيقة عداوة مع الله . قال ابن كثير : هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم ، وعدم موالاتهم ؛ لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم ، كراهة لما هم عليه من التوحيد ، وإخلاص العبادة لله وحده . ولهذا قال تعالى : { أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ } أي : لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم بالله رب العالمين كقوله تعالى : { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } [ البروج : 8 ] وكقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } [ الحج : 40 ] . وقوله تعالى : { إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ } أي : هاجرتم { جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي } أي : للجهاد في طريقي الذي شرعته لكم ، وديني الذي أمرتكم به ، والتماس رضائي عنكم الذي لا ثواب فوقه ، والشرط متعلق بـ { لاَ تَتَّخِذُواْ } أي : لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي { تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ } أي : من المودة معهم وغيرها { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ } أي : اتخاذهم أولياء { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي : جار عن السبيل السويّ الذي جعله الله هدى ونجاة .