Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 10-13)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي : إيماناً يقيناً لا يشوبه أدنى شك { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي : من أهل العلم . أو أنه خير . فإن قيل : إن ذلك خير بنفسه علموا أولا ، وأيضاً أن علمهم محقق ، إذ الخطاب مع المؤمنين فالجواب ما قاله الناصر : أن الشرط ليس على حقيقته ، بل هو من وادي قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة : 278 ] والمقصود بهذا الشرط : التنبيه على المعنى الذي يقتضي الامتثال ، وإلهاب الحمية للطاعة ، كما تقول لمن تأمره بالانتصاف من عدوه : إن كنت حراً فانتصر . تريد أن تثير منه حمية الانتصار لا غير . انتهى . وقوله تعالى : { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } جواب للأمر المدلول عليه بلفظ الخبر ، أو لشرط أو استفهام ، دل عليه الكلام تقديره : إن تؤمنوا وتجاهدوا . أو هل تقبلون أن أدلكم يغفر لكم { وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي : بساتين إقامة لا ظعن عنها { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي : النجاءُ العظيم من نكال الآخرة وأهوالها ، { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي : عاجل . وهو فتح مكة . وهذا يدلّ على أن السورة نزلت قبل فتح مكة بقليل . وكان القصد منها تشجيع المؤمنين على قتال محاربيهم ، والثبات أمامه ، والتحذير عن الزيغ عن ذلك ، والترغيب في السخاوة ببذل الأنفس والأموال في سبيل الحق ؛ لإعلاء شأنه ، وإزهاق الباطل . و { وَأُخْرَىٰ } مفعول لمقدر معطوف على الجوابين قبله ، وهو جواب ثالث . أي : ويؤتكم أخرى أو صفة لمبتدأ مقدّر ، وخبره محذوف ، وهو { لَكُمْ } . أي : ولكم إلى هذه النعمة المذكورة ، نعمة أخرى عاجلة محبوبة ، وهي نصر من الله لكم على أعدائكم ، وفتح قريب يعجّله لكم . { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي : بنصره تعالى لهم وفتحه ، ومن منع من النحاة عطف الإنشاء على الخبر يقول : { وَبَشِّرِ } معطوف على { تُؤْمِنُونَ } ؛ لأنه بمعنى آمنوا . وضعّف بأن المخاطب بـ { تُؤْمِنُونَ } المؤمنون ، و بـ { وَبَشِّرِ } النبيّ صلى الله عليه وسلم . ثم إن { تُؤْمِنُونَ } بيان لما قبله ، و { وَبَشِّرِ } لا يصلح لذلك . وأجيب بأنه لا مانع من العطف على الجواب ، ما هو زيادة عليه إذا ناسبه . وهذا أولى الوجوه عند صاحب ( الكشف ) ، كتقدير : أبشر يا محمد ، و ( بَشَر ) ، وتقدير ( قل ) قبل { يَا أَيُّهَا } . وجعل { وَبَشِّرِ } أمراً بمعنى الخبر ، كما في قوله أبطئي أو أسرعي .