Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 1-2)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ * هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ } أي : العرب { رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي : من أنفسهم ، أمياً مثلهم ، { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } أي : مع كونه أمياً مثلهم لم تعهد منه قراءة ولا تعلم ، { وَيُزَكِّيهِمْ } أي : من خبائث العقائد والأخلاق ، { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي : القرآن والسنة { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي : جَوْر عن الحق ، وانحراف عن سبيل الرشد . وهو بيان لشدة افتقارهم إلى نبيّ يرشدهم . قال ابن كثير : فبعثه الله سبحانه وتعالى على حين فترة من الرسل ، وطموس من السبل ، وقد اشتدت الحاجة إليه . وذلك أن العرب كانوا قديماً متمسكين بدين إبراهيم عليه السلام فبدّلوه وغيروه ، واستبدلوا بالتوحيد شركاً ، وباليقين شكاً ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله . وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وأولوها ، فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بشرع عظيم كامل ، شامل لجميع الخلق ، فيه هدايتهم ، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ، ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار ، وسخط الله تعالى . حاكم فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب ، في الأصول والفروع ، وجمع له تعالى - وله الحمد والمنة - جميع المحاسن فيمن كان قبله ، وأعطاه ما لم يعط أحداً من الأولين ، ولا يعطيه أحداً من الآخرين . فصلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين . انتهى . وإنما أوثرت بعثته صلوات الله عليه في الأميين ، لأنهم أحدُّ الناس أذهاناً ، وأقواهم جناناً وأصفاهم فطرة ، وأفصحهم بياناً ، لم تفسد فطرتهم بغواشي المتحضرين ، ولا بأفانين تلاعب أولئك المتمدنين ؛ ولذا انقلبوا إلى الناس بعد الإسلام بعلم عظيم ، وحكمة باهرة ، وسياسة عادلة ، قادوا بها معظم الأمم ، ودخلوا بها أعظم الممالك . وإيثار البعثة فيهم - بمعنى إظهارها فيهم - لا ينافي عموم الرسالة ، كما قال سبحانه : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } [ الأعراف : 158 ] وقوله : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] وهو ظاهر . وقوله : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ … } .