Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 9-9)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ } ظرف لـ { لَتُنَبَّؤُنَّ } [ التغابن : 7 ] أو لـ { خَبِيرٌ } [ التغابن : 8 ] لما فيه من معنى الوعيد . كأنه قيل : والله مجازيكم يوم يجمعكم ، أو مفعول لـ ( اذكر ) { لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } أي : ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون . أي : لأجل ما فيه من الحساب والجزاء { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } قال الزمخشري : التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة ، وهو أن يغبن بعضهم بعضاً ، لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء . وفيه تهكم بالأشقياء ؛ لأن نزولهم ليس بغبن . انتهى . ومما حسن إطلاق التغابن على ما ذكر ، وورد البيع والاشتراء في حق الفريقين . فذكر تعالى في حق الكافرين أنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ، واشتروا الضلالة بالهدى ، وذكر أنهم ما ربحت تجارتهم ، فكأنهم غبنوا أنفسهم . ودل المؤمنين على تجارة رابحة فقال : { هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ … } [ الصف : 10 ] الآية وذكر أنهم باعوا أنفسهم بالجنة . فخسرت صفقة الكفار ، وربحت صفقة المؤمنين . وقال القاشاني : أي : ليس التغابن في الأمور الدنيوية فإنها أمور فانية سريعة الزوال ، ضرورية الفناء ، لا يبقي شيء منها لأحد . فإن فات شيء من ذلك ، أو أفاته أحد ولو كان حياته ، فإنما فات أو أُفِيت ما لزم فواته ضرورة ، فلا غبن ولا حيف حقيقة ، وإنما الغبن والتغابن في إفاته شيء لو لم يفته لبقي دائما ، وانتفع به صاحبه سرمداً ، وهو النور الكمالي والاستعدادي ، فتظهر الحسرة والتغابن هناك في إضاعة الربح ورأس المال في تجارة الفوز والنجاة ، كما قال : { فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } [ البقرة : 16 ] فمن أضاع استعداده ونور فطرته كان مغبونا مطلقاً ، كمن أخذ نوره وبقي في الظلمة . ومن بقي نور فطرته ولم يكتسب الكمال اللائق به الذي يقتضيه استعداده أو اكتسب منه شيئاً ، ولم يبلغ غايته كان مغبوناً بالنسبة إلى الكامل التام ، فكأنما ظفر بذلك الكامل بمقامه ومرامه ، وبقي هذا متحيراً في نقصانه . انتهى { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } .