Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 150-150)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً } أي : شديد الغضب على قومه لعبادتهم العجل ، وحزيناً أي : على ما فاته من مناجاة ربه { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ } أي : بئسما عملتم خلفي ، أو قمتم مقامي ، وكنتم خلفائي من بعدي . والخطاب إما لَعَبَدةِ العجل ، من السامريّ وأشياعه ، أو لوجوه بني إسرائيل ، وهم هارون عليه السلام والمؤمنون معه . ويدل عليه قوله : { ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } [ الأعراف : 142 ] ، وعلى التقدير الأول يكون المعنى : بئسما خلفتموني حيث لم تمنعوا من عبادة غير الله تعالى - قاله الرازي . { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } أي : ميعاده الذي وعدنيه من الأربعين ، فلم تصبروا إلى تمامها ، وكانوا استبطأوا نزوله من الجبل ، فتآمروا في صنع وثن يعبدونه ، وينضمون إليه ، وفعلوا ذلك وجعلوا يغنون ويرقصون ويأكلون ويشربون ويلعبون حوله ويقولون : هذا الإله الذي أخرجنا من مصر - عياذاً بالله - . وقال أبو مسلم : معناه سبقتم أمر الله ، فعبدتم ما لم يأمركم به { وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } أي : طرحها من شدة الغضب ، وفرط الضجرة ، بين يديه فتكسرت . وهي ألواح من حجارة كتب فيها الشرائع والوصايا الربانية . وإنما ألقاها ، عليه السلام ، لما لحقه من فرط الدهش عند رؤيته عكوفهم على العجل . فإنه ، عليه السلام ، لما نزل من الجبل ، ودنا من محلتهم ، رأى العجل ورقصهم حوله ، اتقد غضبه فألقاها غضباً لله ، وحمية لدينه ، وكان هو في نفسه حديداً ، شديد الغضب ، وكان هارون ألين منه جانباً ، ولذلك كان محبباً إلى قومه . تنبيه قال السيوطي في ( الإكليل ) : استدل ابن تيمية بقوله تعالى : { وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } على أن من ألقى كتاباً على يده ، إلى الأرض وهو غضبان ، لا يلام - انتهى - وهو ظاهر . { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } أي : بشعره { يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } ظناً أن يكون قصر في نهيهم ، كما قال في الآية الأخرى : { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } [ طه : 92 - 94 ] وقال هاهنا : { قَالَ ٱبْنَ أُمَّ } قرئ الفتح والكسر . وأصله يا ابن أمي ، خفف بحذف حرف النداء والياء ، وذكر الأم ليرققه عليه . وقوله : { إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي } إزاحة لتوهم التقصير في حقه . والمعنى : بذلت وسعي في كفّهم حتى قهروني واستضعفوني ، وقاربوا قتلي ، { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ } أي : بالإساءة إليّ . والشماتة : سرور الأعداء بما يصيب المرء { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } أي : في عقوبتك لي ، في عدادهم ، أو لا تعتقد أني منهم ، مع براءتي وعدم تقصيري . قال الجشميّ : تدل الآية على أن الأمر بالمعروف قد يسقط في حال الخوف على النفس ، وفي الحال الذي يعلم أنه لا ينفع . لذلك قال هارون : { ٱسْتَضْعَفُونِي } . وتدل على أن الغضب والأسف على المبتدع محمود في الدين . انتهى .