Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 169-169)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ } أي : من بعد هؤلاء المذكورين { خَلْفٌ } أي : بدل سوء ، والمراد بهم الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . و ( الخلف ) مصدر ، ولذا يوصف به المفرد وغيره ، وقد شاع في الصالح ، ومفتوح اللام بـ ( الصالح ) ، وربما جاء عكسه { وَرِثُواْ ٱلْكِتَٰبَ } أي : التوراة من أسلافهم المختلفين ، يقرؤونها ويقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي ، والتحليل والتحريم ، ولا يعملون بها كما قال : { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } أي : حطام هذا الشيء الأدنى ، يريد الدنيا ، وما يتمتع به منها . وفي قوله : { هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } تخسيس وتحقير . و ( العَرَضَ ) بفتح الراء ، ما لا ثبات له ، ومنه استعار المتكلمون ( العرض ) لمقابل ( الجوهر ) . و ( الأدنى ) إما من الدنوّ ، بمعنى القرب ؛ لأنه عاجل قريب بالنسبة إلى الآخرة ، وإما من دنوّ الحال وسقوطها وقلتها { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } أي : يعتاضون عن بذل الحق ونشره ، بعرض الحياة الدنيا ، ويتحكمون على الله تعالى بأنه لا يؤاخذهم بما أخذوا { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } الواو للحال ، أي : يرجون المغفرة ، وهم مصرّون عائدون إلى مثل فعلهم ، غير تائبين ، كلما لاح لهم مثل الأول أخذوه { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ } أي : الميثاق الوارد فيه ، { أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } أي : فلو صح ما تحكموا به على الله ، لم يكن لأخذ هذا الميثاق معنى . ثم أخبر تعالى أن أخذهم ليس عن جهلهم بذلك الميثاق بقوله : { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } أي : قرؤوا ما في الكتاب من الميثاق مرة بعد مرة { وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ } أي : من ذلك العرض الخسيس { لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } أي : أخذ هذا الأدنى بدل كتم الحق { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي : فتعلموا ذلك ، فلا تستبدلوا الأدنى المؤدي إلى العقاب ، بالنعيم المخلد ، وقرئ بالياء ، وفي الإلتفات تشديد للتوبيخ . ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، كما هو مكتوب فيه ، بقوله سبحانه : { وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ … } .