Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 17-17)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } أي : من جميع الجهات الأربع . مثل قصده إياهم بالتسويل والإضلال من أي وجه يمكنه ، بإتيان العدوَّ من الجهات الأربع التي يعتاد هجومه منها . ولذلك لم يذكر الفوق والتحت . { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } أي : مستعملين لقواهم وجوارحهم ، وما أنعم الله به عليهم في طريق الطاعة والتقرب إلى الله . وإنما قال ذلك لما رآه من الأمارات على طريق الظن ، كقوله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ سبأ : 20 ] . روى الإمام أحمد عن سبرة بن الفاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه ، فقعد له بطريق الإسلام ، فقال : أتُسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك ؟ قال : فعصاه فأسلم ، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتدع أرضك وسماؤك ، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطِوَل " ، قال : " فعصاه فهاجر " . قال : " ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له : هو جهاد النفس والمال . فتقاتل فتُقتل فتُنكح المرأة ويُقسم المال ؟ " . قال : " فعصاه فجاهد " ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فمن فعل ذلك منهم فمات ، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، أو قتل كان حقاً على الله عز وجل أن يدخله الجنة ، وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة ، أو وقصته دابته كان حقاً على الله أن يدخله الجنة " " . وقال الحافظ : ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها فروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن عُمَر قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي : " اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي ، وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يديّ ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " ورواه البزار عن ابن عباس . فائدة قال الجشميّ : تدل الآية أنه سأل الإنظار ، وأنه تعالى أنظره ، وقد بينا ما قيل فيه ، وتدل على شدة عداوته لبني آدم وحرصه على إضلالهم . وتدل على أن أكثر بني آدم غير شاكرين ، وتدل على أن الإضلال فعل إبليس ، والقبول عنه فعلهم ، لذلك أضافه إليهم ، وذمهم عليه ، ولو كان خلقاً له لما صح ذلك - انتهى - والكلام في أمثالها معروف . ثم أكد تعالى على إبليس اللعنة والطرد والإبعاد عن محل الملأ الأعلى ، بقوله سبحانه : { قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ … } .