Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 20-20)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } أي : إبليس بأكل الشجرة مخيلاً لهما النفع { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } أي : يظهر لهما { مَا وُورِيَ } أي : ستر { عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا } أي : عوراتهما ، واللام في : { لِيُبْدِيَ } إما للعاقبة ؛ لأنه لم يعلم صدوره منهما ، أي : فكان عاقبة وسوسته أن أظهر سوآتهما ؛ أو للتعليل والغرض ، وهو الأصل فيها ، بناء على حدسه أو علمه بطريقٍ ما . تنبيه في الآية دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور ، وأنه مستهجن في الطباع ولذلك سميت سوأة ؛ لأنه يسوء صاحبها . قال الحاكم : وقد استدل قوم بالآية على وجوب ستر العورة ، وأنه كان في شريعة آدم عليه السلام . قال القاضي : لا دليل في الآية على الوجوب ؛ لأنه ليس فيها إلا أنهما فعلا ذلك . قال الأصم : في الآية دليل على أنهما كرها التعريّ ، وإن لم يكن لهما ثالث ، ففي ذلك دليل على قبح التعري ، وإن لم يكن مع المتعري أحد ، إلا لحاجة . { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا } أي : إلا كراهة أن تكونا { مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } أي : من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين . وقد استدل بهذا من رأى تفضيل الملائكة على الأنبياء ، لارتكابهما ذلك طمعاً في نيل ما ذكر . وأجاب ، من لم ير هذا ، باحتمال أن تكون هذه الواقعة قبل نبوة آدم . ولئن كانت بعدها ، فلعل آدم رغب في الملكية للقوة والشدة والقدرة ، أو لخلقة الذات ، بأن يصير جوهراً نورانيّاً - أشار له الرازيّ . وقال الناصر : لا يلزم من اعتقاد إبليس لذلك ووسوسته بأن الملائكة أفضل ، أن يكون الأمر كذلك في علمه تعالى . ألا ترى إبليس قد أخبر أن الله تعالى منعهما من الشجرة حتى لا يخلدا أو لا يكونا ملكين ، وهو في ذلك كاذب مبطل ، فلا دليل فيه إذاً ، وليس في الآية ما يوجب تقرير الله تعالى لإبليس على ذلك ، ولا تصديقه فيه ، بل ختمت الآية بما يدل على أنه كَذَب لهما وغرّهما ، إذ قال الله تعالى : { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } [ الأعراف : 22 ] فلعل تفضيل الملائكة على النبوة من جملة غروره - انتهى . قال السيوطيّ في ( الإكليل ) : وأنا أقول : لا أزال أتعجب ممن أخذ يستدل من هذه الآية ، والكلام الذي فيها ، حكاه الله تعالى عن قول إبليس في معرض المناداة عليه بالكذب والغرور والزور والتدليس . وإنما يستدل من كلامه تعالى ، أو من كلام حكاه عن بعض أنبيائه ، وإن لم يكن ذلك ، فكلام حكاه راضياً به مقرًّا له - انتهى . على أنه قرئ ( مَلِكين ) بكسر اللام ، كان يقرؤها كذلك ابن عباس ويحيى بن أبي كثير . قال الواحديّ : إنما أتاهما إبليس من جهة الملك . ويدل على هذا قوله تعالى : { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [ طه : 120 ] - انتهى . والقراءة الشاذة قد تكون تفسيراً للمتواترة ، كما لا يخفى ، وبه يندفع ما للرازيّ هنا .