Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 22-22)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } أي : أطعمهما . وأصله : الرجل العطشان يدلي في البئر ليروي من مائها ، فلا يجد فيها ماءً ، فيكون مدليًّا فيها بغرور ، فوضعت التدلية موضع الإطماع فيما لا يجدي نفعاً . وفيه إشعار بأنه أهبطهما بذلك من درجة عالية ، إلى رتبة سافلة . فإن التدلية والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل . وقيل : معنى دلاهما : جرَّأهما بغروره ، والأصل فيه ( دلَّلَهما ) ، والدلّ والدالة الجرأة كما قال : @ أَظُنَّ الحلَم دلَّ عليَّ قوْمي وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الْحَليمُ @@ فأبدل أحد حرفي التضعيف ياءً : { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } أي : أخذتهما العقوبة وشؤم المعصية فتهافت عنهما اللباس ، فظهرت لهما عوراتهما . قال السيوطي في ( الإكليل ) : استدل به بعضهم على أن من ذاق الخمر عصى - انتهى - وهذا وقوف مع ظاهر ما هاهنا ، فإن الذوق وجود الطعم بالفم ، وظاهر أنه قد يعبر به عن الأكل اليسير ، وهو المراد هنا ؛ لأنه وقع في آية أخرى مصرحاً بالأكل فيها { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ } أي : أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة { عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } أي : ليستترا به . قال الجشميّ : تدل على أن ستر العورة كان من شريعة آدم عليه السلام . وقد استدل قوم بالآية على وجوب الستر . قال القاضي : وليس في الآية ما يوجب الوجوب ، إذا ليس فيها أكثر من أنهما فعلا ذلك . قال الأصم : وتدل على أن الستر من خلُق آدم وحواء ، وأنهما كرها التعري وإن لم يكن لهما ثالث ، ففي ذلك دليل على قبح التعري إلا عند الحاجة . { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } أي : يذكرهما النهي السابق والأمر والتجنب عن الشيطان { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ } أي : عن الأكل منها { وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } .