Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 34-34)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } أي : مدة أو وقت لنزول العذاب بهم { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } أي : ميقاتهم المقدر لهم { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } أي : لا يتركون بعد الأجل شيئاً قليلاً من الزمان ، ولا يهلكون قبله كذلك . والساعة مثل في غاية القلة من الزمان . لطائف الأولى : وقع هذا التركيب في مواضع من التنزيل ، وفيه بحث مشهور : وهو أنه لما كان الظاهر عطف ( لا يستقدمون ) على ( لا يستأخرون ) كما أعربه الحوفيّ وغيره ، أُورِدَ عليه أنه فاسد ، لأن ( إذا ) إنما يترتب عليها الأمور المستقبلة لا الماضية ، والاستقدام حينئذ بالنسبة إلى مَحِلّ الأجل متقدم عليه ، فكيف يترتب عليه ما تقدمه ؟ ويصير من باب الإخبار بالضروري الذي لا فائدة فيه ، كقولك : إذا قمت فيما يأتي ، لم يتقدم قيامك فيما مضى . وأجيب بأن المراد بالمجيء : الدنوّ ، بحيث يمكن التقدم في الجملة ، كمجيء اليوم الذي ضرب لهلاكهم ساعة فيه . وقيل : إن جملة { لاَ يَسْتَقْدِمُونَ } مستأنفة . وقيل : إنها معطوفة على الشرط وجوابه ، أو على القيد والمقيّد ، أو أن مجموع ( لا يستأخرون ولا يستقدمون ) كناية عن أنهم لا يستطيعون تغييره . والتحقيق أنه عطف على ( يَسْتَأْخِرُونَ ) لكن لا لبيان انتفاء التقدم ، مع إمكانه في نفسه كالتأخر ، كما يتوهم ، بل للمبالغة في انتفاء التأخر . يعني : أن التأخر مساوٍ للتقدم في الاستحالة ، ولذا نظمه معه في سلك ، كما في قوله سبحانه : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } [ النساء : 18 ] فإن من مات كافراً مع ظهور ألا توبة له رأساً ، قد نظم في عدم القبول ، في سلك من سوّفها إلى حضور الموت ، إيذاناً بتساوي وجود التوبة حينئذ وعدمها بالمرة . الثانية : تقديم بيان انتفاء الاستئخار ، لما أن المقصود بالذات بيان عدم خلاصهم من العذاب . وأما ( ما ) في قوله تعالى : { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } [ الحجر : 5 ] من سبق ( السبق ) في الذكر ؛ فلما أن المراد هناك بيان سر تأخير إهلاكهم مع استحقاقهم له حسبما ينبئ عنه قوله تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ الحجر : 3 ] . فالأهم هناك بيان انتفاء السبق . الثالثة : صيغة الاستفعال للإشعار بعجزهم وحرمانهم عن ذلك ، مع طلبهم له ، أفاده أبو السعود . ثم أنذر تعالى بني آدم بأنه سيبعث إليهم رسلاً يهدونهم ، وبشَّر وأنذر بقوله سبحانه : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي … } .