Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 46-46)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } أي : بين الفريقين سور وستر ، أو بين الجنة والنار ، ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى . وقد سمي هذا الحجاب سوراً في آية { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } [ الحديد : 13 ] وقوله تعالى : { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } أي : على أعراف الحجاب وشرفاته وأعاليه ، وهو السور المضروب بينهما ، جمع عَرْف ، مستعار من عرف الفرس ، وعرف الديك ، وكل ما ارتفع من الأرض عرف ، فإنه بظهوره أعرف مما انخفض . وقد حكى المفسرون أقوالاً كثيرة في رجال الأعراف ، عن التابعين وغيرهم ، أنهم فضلاء المؤمنين ، أو هم الشهداء ، أو الأنبياء ، أو قوم أوذوا في سبيل الله ، فاطلعوا على أعدائهم ليشمتوا بهم ، فعرفوهم بسيماهم ، وسلّموا على أهل الجنة . واللفظ ، لإبهامه ، يحتمل ذلك ؛ لأن السياق يدل على سموّ قدرهم ، لا سيما بجعل منازلهم الأعراف ، وهي الأعالي ، والشرف ، كما تقدم ومن ذكر كلهم جديرون بذلك - والله أعلم . { يَعْرِفُونَ كُلاًّ } أي : من أهل الجنة والنار { بِسِيمَاهُمْ } أي : بعلامتهم التي أعلمهم الله بها ، كبياض الوجه وسواده . فائدة السيما مقصورة وممدودة ، والسيمة والسيمياء بكسرهن العلامة . قال القاضي : السيمى فِعْلى ، مِنْ ( سام إبله ) إذا أرسلها في المرعى معلمة . أو من ( وسم ) على القلب كـ ( الجاه ) من ( الوجه ) . انتهى . وعلى الثاني اقتصر ابن دريد { وَنَادَوْاْ } أي : رجالُ الأعراف { أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ } أي : حين رأوهم من أعرافهم ، وقد عرفوهم من سيماهم أنهم أهل الجنة { أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } بطريق الدعاء والتحية ، أو بطريق الإخبار بنجاتهم من المكاره . والوجه الأول هو المأثور عن ابن عباس رضي الله عنه فيما رواه عنه العوفيّ . قال رضي الله عنه : أنزلهم الله بتلك المنزلة ليعرفوا مَن في الجنة والنار ، وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه ، ويتعوذوا بالله أن يجعلهم مع القوم الظالمين ، وهم في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } الضميران في الجملتين لأصحاب الأعراف ، والأولى حال من الواو ، والثانية حال من فاعل { يَدْخُلُوهَا } ، أي : نادَوْهم وهم لم يدخلوا الجنة بعدُ ، حال كونهم طامعين في دخولها ، مترقبين . قال الجشميّ رحمه الله : قيل : إذا كان أصحاب الأعراف أفاضل المؤمنين ، فلِمَ تأخر دخولهم ؟ قلنا : هم تعجلوا اللذة بالشماتة من الأعداء ، وإن تأخر دخولهم ؛ لظهور فضلهم ، وجلالة طريقهم إلى منازلهم اهـ . ولا يبعد عندي أن تكون جملة { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } حالاً من ( أصحاب الجنة ) أي نادوهم بالسلام وهم في الموقف على طمع دخول الجنة يبشرونهم بالأمان والفوز من العذاب ، إشارة إلى سبق أهل الأعراف على غيرهم في دخول الجنة ، وعلوّ منازلهم على سواهم - والله أعلم . وذهب أبو مجلز إلى أن الضميرين لأصحاب الجنة ، أي : نادى أهلُ الأعراف أصحابَ الجنة بالسلام ، حال كون أصحاب الجنة لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها ، وهو وجه جيّد ، فالجملة الأولى حال من المفعول وهو ( أصحاب الجنة ) والثانية حال من فاعل ( يدخلوها ) .