Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 51-51)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً } أي : مما زينه لهم الشيطان . واللهو : كل ما صدّ عن الحق . واللعب : كل أمر باطل . أي : ليس دينهم في الحقيقة إلا ذلك ، إذ هو دأبهم وديدنهم { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا } بزخارفها العاجلة ، فلم يعملوا للآخرة { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ } أي : نتركهم ترك المنسيّ ، فلا نرحمهم بما نرحم به من عمل للآخرة { كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } أي : كما فعلو بلقائه ، فعل الناسين ، فلم يُخطروه ببالهم ، ولم يهتموا به . لطيفة قال الشهاب : { نَنْسَاهُمْ } تمثيل ، شبّه معاملته تعالى مع هؤلاء بالمعاملة مع من لا يعتد به ، ويلتفت إليه ، فينسى ؛ لأن النسيان لا يجوز على الله تعالى ، أي لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ، كما قال : { فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } [ طه : 52 ] ، والنسيان يستعمل بمعنى الترك كثيراً في لسان العرب . ويصح هنا أيضاً ، فيكون استعارة تحقيقية ، أو مجازاً مرسلاً ؛ وكذا نسيانهم لقاء الله أيضاً ، لأنهم لم يكونوا ذاكري الله حتى ينسوه ، فشبه عدم إخطارهم لقاء الله والقيامة ببالهم ، وقلة مبالاتهم - بحال من عرف شيئاً ، ثم نسيه . وليست الكاف للتشبيه ، بل للتعليل ، ولا مانع من التشبيه أيضاً - انتهى . وقوله تعالى : { وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ } أي : وكما كانوا منكرين أنها من عند الله تعالى . روى الترمذي عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " يؤتى بالعبد يوم القيامة ، فيقول الله : ألم أجعل لك سمعاً وبصراً ومالاً وولداً ، وسخرت لك الأنعام والحرث ، وتركتك ترأس وتَرْبَع ، فكنت تظن أنك ملاقيّ يومك هذا ؟ " قال " فيقول : لا ! فيقول له : اليوم أنساك كما نسيتني " " . وفي حديث أبي هريرة عند مسلم : " فيلقى العبد ربه ، فيقول : أي فلْ ! ألم أكرمك وأسوّدك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأتركك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى يا رب ! فيقول : أظننت أنك ملاقيّ ؟ فيقول : لا ! فيقول : إني أنساك كما نسيتني " . ولما أخبر تعالى عن خسارتهم في الآخرة ذكر أنه أزاح عللهم في الدنيا بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، فقال سبحانه : { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً … } .