Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 71-71)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ } أي : عذاب ، والرجس والرجز بمعنى ، حتى قيل إن أحدهما مبدل من الآخر ، كالأسد والأزد . وأصل معناه : الاضطراب . يقال : رجست السماء : رعدت شديداً وتمخضت ، وهم في مرجوسة من أمرهم ، أي في اختلاط والتباس ، ثم شاع في العذاب لاضطراب من حلّ به . وادعى بعضهم أن الرجس بمعنى العذاب مجاز ، قال : لأنه حقيقة في الشيء القذر ، فاستعير لجزائهم . وظاهر اللغة أنه حقيقة . ووجه التعبير بالمضي عما سيقع ، تنزيل المتوقع كالواقع كما في : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ النحل : 1 ] { وَغَضَبٌ } أي : سخط لإشراككم معه من هو في غاية النقص ، في أعلى كمالاته التي هي الإلهية . { أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ } أي : في أشياء ما هي إلا أسماء ليس تحتها مسميات ، لأنكم تسمونها آلهة ، ومعنى الإلهية فيها معدوم ، ومُحال وجوده . وهذا كقوله تعالى : { مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } [ العنكبوت : 42 ] - كذا في الكشاف . قال الشهاب : جعل الأسماء عبارة عن الأصنام الباطلة ، كما يقال لما لا يليق : ما هو إلا مجرد اسم . فالمعنى : أتجادلونني في مسميات لها أسماء لا تليق بها ، فتوجه الذم للتسمية ، الخالية عن المعنى . والضمير حينئذ راع لـ ( أسماء ) وهي المفعول الأول للتسمية ، والثاني آلهة ، ولو عكس لزم الإستخدام - انتهى . وقوله تعالى : { مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } أي : حجة ودليل على هذه التسمية ؛ لأن المستحق للمعبودية بالذات ليس إلا من أوجد الكل ، وإنها لو استحقت لكان ذلك بجعله تعالى ، إما بإنزال آية أو نصب حجة ، وكلاهما مستحيل ، فتحقق بطلان ما هم عليه . قال الجشميّ : دلت الآية على فساد التقليد ، حين ذمهم بسلوك طريقة آبائهم . وتدل على أن المعارف مكتسبة ، وتدل على بطلان كل مذهب لا دليل عليه . ويدل قوله : { أَتُجَٰدِلُونَنِي } على أن المبطل مذموم في جداله ، والواجب عليه النظر ليعرف الحق . انتهى . وقال القاضي : بين تعالى أن منتهى حجتهم وسندهم ، أن الأصنام تسمى آلهة من غير دليل يدل على تحقيق المسمى ، وإسنادَ الإطلاق إلى من لا يؤبه بقوله ، إظهاراً لغاية جهالتهم ، وفرط غباوتهم . { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } أي : نزول العذاب الذي طلبتموه بقولكم : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } [ الأعراف : 70 ] ؛ لأنه وضح الحق ، وأنتم مصرّون على العناد { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } أي : لما يحل بكم . قال المهايمي : فجاء منتظرهم بحيث لا ينجو منه ، بمجرى العادة ، أحد ، وجعل من قبيل الريح التي تتقدم الأمطار ، لكفرهم برياح الإرسال .