Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 95-95)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ } أي : أعطيناهم - بدل ما كانوا فيه من البلاء ، كالشدة والمرض - السعةَ والصحة { حَتَّىٰ عَفَوْاْ } أي : كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم ، من قولهم : عفا النبات ، وعفا الشحم والوبر ، إذا كثرت . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " وأعفوا اللحى " . { وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ } يعني : وأبطرتهم النعمة وأشِروا ، فقالوا كفراناً لها : هذه عادة الدهر ، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء ، وقد مس آباءنا نحو ذلك فصبروا على دينهم ، فنحن مثلهم ، نقتدي بهم ، وما هو بابتلاء من الله لعباده ، تصديقاً لوعد الرسل ، فازدادوا كفراً بعد الإعلام القوليّ والفعليّ . والمعنى : أن الله تعالى ابتلاهم بالسيئة لينيبوا إليه ، فما فعلوا ، ثم بالحسنة ليشكروا ، فما فعلوا ، وإذ لم ينجع فيهم هذا ولا ذاك ، فلم يبق إلا أن يأخذهم بالعذاب ، وقد فعل . كما قال سبحانه : { فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : فأخذناهم أشد الأخذ وأفظعه ، وهو أخذهم فجأة ، من غير شعور منهم ، ولا خطور شيء من المكارة ببالهم ، كقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ … } الآية [ الأنعام : 44 ] - وفي الحديث : " موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر " رواه الإمام أحمد والبيهقيّ عن عائشة مرفوعاً . تنبيه اعتقاد أن مناوبة الضراء والسراء عادة الدهر ، من غير أن يكون هناك داعية تؤدي إليهما ، ولا حكمة فيهما ، هو من اعتقاد الكافرين . قال ابن كثير : المؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به من الضراء والسراء ، فيشكر الله على السراء ، ويصبر على الضراء . ولهذا جاء في الحديث : " لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج نقيّاً من ذنوبه والمنافق مَثَله كمثل الحمار لا يدري فيم ربطه أهله ، ولا فيما أرسلوه " - أو كما قال . وفي الصحيحين : " عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " .