Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 99-99)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } وهو أخذه العبد من حيث لا يحتسب { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } أي : لا يأمن أحدٌ أخذَه تعالى العبد من حيث لا يشعر ، مع كثرة ما رأى من أخذه العباد من حيث لا يحتسبون ، إلا القوم الذي خسروا عقولهم ، وأضاعوا فطرة الله التي فطر الناس عليها ، والإستعداد القريب المستفاد من النظر في الآيات ، فصاروا خاسرين إنسانيتهم ، بل أخسّ من البهائم ، وفي وقوله تعالى : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } تكرير للنكير في قوله : { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ } [ الأعراف : 97 ] لزيادة التقرير . قال الزمخشري : فعلى العاقل أن يكون في خوف من مكر الله ، كالمحارب الذي يخاف من عدوّه الكمين ، والبيات ، والغيلة . وعن الربيع بن خُثَيْم أن ابنته قالت : ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام ؟ فقال : يا بنتاه ، إن أباك يخاف البيات . أراد قوله : { أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً } [ الأعراف : 97 ] - انتهى . وقال الحسن البصري : المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق ، وجِلٌ خائف ، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن . تنبيه الأمن من مكر الله كبيرة عند الشافعية ، وهو الاسترسال في المعاصي ، اتكالاً على عفو الله - كما في جمع الجوامع . وقال الحنفية : إنه كفر كاليأس ، لقوله تعالى : { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } [ يوسف : 87 ] ، { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 99 ] . واستدل الشافعية بحديث ابن مسعود رضي الله عنه : " من الكبائر الأمن من مكر الله " وما ورد من أنه كفر ، محمول على التغليظ . كذا في ( العناية ) . وروى ابن أبي حاتم والبزار عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه صلى الله عليه وسلم سئل : ما الكبائر ؟ فقال : " الشرك بالله ، والإياس من روح الله ، والأمن من مكر الله " قال بعضهم : والأشبه أن يكون موقوفاً . قال ابن حجر : وبكونه أكبر الكبائر ، صرح ابن مسعود : كما رواه عنه عبد الرزاق والطبرانيّ . قال الكمال بن أبي شريف : عطفُهما - يعني الإياس والأمن - في الحديث على ( الإشراك بالله ) المحمول على مطلق الكفر ، ظاهر في أنهما غير الكفر . وقال أيضاً : مراد الشافعية بكونه كبيرة ؛ أن من غلب عليه الرجاء غلبة دخل بها في حد الأمن من المكر ، كمن استبعد العفو عن ذنوبه لعظمها استبعاداً دخل به في حد اليائس . وأما من كان أمنه لاعتقاد أن لا مكر ، كمن كان يأسه لإنكار سعة الرحمة ذنوبَه ، فينبغي أن يكون كل منهما كافراً عند الشافعية أيضاً ، ويحمل عليه نص القرآن - انتهى .