Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 5-14)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : نوح بعد أن بذل غاية الجهد ، وضاقت عليه الحيل ، في تلك المدد الطوال ، { رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي } أي : إلى التوحيد والعمل الصالح { لَيْلاً وَنَهَاراً } أي : دائما بلا فتور ولا توان . { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } أي : من الحق الذي أرسلتني به { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } أي : إلى الإيمان { لِتَغْفِرَ لَهُمْ } أي : بسببه { جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ } أي : سدوا مسامعهم من استماع الدعوة { وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ } أي : تغطوا بها من كراهة النظر إلى وجه من ينصحهم في الدين { وَأَصَرُّواْ } أي : على الشر والكفر { وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً } أي : تعاظموا عن الإذعان للحق ، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } أي : دعوتهم مرة بعد مرة ، على وجوه متنوعة ، ما بين مجاهرة وإظهار بلا خفاء ، وما بين إعلان وصياح بهم ، وما بين إسرار فيما بيني وبينهم في خفاء . وهذه المراتب أقصى ما يمكن للآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر . { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } أي : سلوه العفو عما سلف بالتوبة النصوح { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } أي : لذنوب من تاب وأناب . { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ } أي : المطر { عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } أي : متتابعاً . { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } أي : فيكثرها عندكم { وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } أي : لسقيا جناتكم ومزارعكم . { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } أي : لا ترون له عظمة ، إذ تشركون معه ما لا يسمع ولا يبصر . فنفي الرجاء مراد به نفي لازمه ، وهو الاعتقاد مبالغة . وجوز أن يكون الرجاء بمعنى : الخوف ، أي : ما لكم لا تخافون عظمة الله ومنه قوله : @ إذا لَسَعَتْه النَّحْل لم يَرْجُ لَسْعَهَا @@ قال الشهاب : وهو أظهر . { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } أي : تارات ، تراباً ثم نطفاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم أجنة ، وهكذا طوراً بعد طور . أي : ومقتضى علم ذلك شدة الرهبة من بطشه وأخذه ، لعظيم قدرته . هذا في أنفسكم . وهكذا يستدل على باهر عظمته ، وقاهر قدرته من آياته الكونية . كما قال : { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً … } .