Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 11-17)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ } أي : المسلمون العاملون بطاعة الله { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي : قوم دون ذلك ، وهم المقتصدون في الصلاح غير الكاملين فيه أو الكافرون { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي : أهواء مختلفة ، وفرقاً شتى . وهذا بيان للقسمة قبلُ . أي : كنا مثلها أو ذويها . و ( الطرائق ) : جمع طريقة ، وهي طريقة الرجل ومذهبه . و ( القدد ) الضروب والأجناس المختلفة ، جمع ( قدة ) كالقطعة . { وَأَنَّا ظَنَنَّآ } أي : علمنا { أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : إن أراد بنا سوءاً { وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } أي : إن طلبنا . قال الزمخشري : هذه صفة أحوال الجن ، وما هم عليه من أحوالهم وعقائدهم ، منهم أخيار وأشرار ومقتصدون ، وأنهم يعتقدون أن الله عز وجل عزيز غالب لا يفوته مطلب ، ولا ينجي عنه مهرب . { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ } أي : القرآن الذي يهدي إلى الطريق المستقيم { آمَنَّا بِهِ } أي : صدقنا بأنه حق من عند الله { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً } أي : أن ينقص من حسناته فلا يجازي عليها { وَلاَ رَهَقاً } أي : أن ترهقه ذلّة ، وتلحقه هيأة معذبة موجبة للخسوء والطرد . يعني : أنه يجزى الجزاء الأوفى ، وتكون له في العز العاقبة الحسنى . { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ } أي : الكافرون الجائرون عن طريق الحق ، { فَمَنْ أَسْلَمَ } أي : أذعن وانقاد { فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } أي : ترجّوا وتوخوا رشداً عظيما ، وقصدوا صواباً واستقامة . وقوله : { فَمَنْ أَسْلَمَ … } إلخ من كلام الله أو الجن . قال الزمخشري : وقد زعم من لا يرى للجن ثواباً ، أن الله تعالى أوعد قاسطيهم ، وما وعد مسلميهم ، وكفى به وعداً أن قال : { فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } فذكر سبب الثواب وموجبه . والله أعدل من أن يعاقب القاسط ، ولا يثيب الراشد . { وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } أي : توقد بهم ، كما توقد بكفار الإنس . { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ } أي : الجن أو الإنس أو كلاهما { عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } أي : طريقة الحق والعدل { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } أي : لوسعنا عليهم الرزق . وإنما تجوز بالماء الغدق ، وهو الكثير عما ذكر ؛ لأنه أصل المعاش وسعة الرزق ، ولعزة وجوده بين العرب . أو لأن غيره يعلم منه بالأولى . { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي : لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خولوا منه . { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ } أي : عبادته أو موعظته { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } أي : شديداً شاقاً . قال الزمخشري : الصعد : مصدر صعد . يقال : صعد صعداً وصعوداً . فوصف به العذاب لأنه يتصعد المعذب ، أي : يعلوه ويغلبه فلا يطيقه .