Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 4-6)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا } يعنون به مضلهم ومغويهم { عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } أي : قولاً ذا شطط . صفة لقول مقدر بتقدير مضاف . أو جعل عين الشطط مبالغة فيه . وأصله مجاوزة الحد . والمراد منه نسبة الصاحبة والولد إلى الله تعالى . { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي : في نسبة ما ليس بحق ، إليه سبحانه . وهو اعتذار عن اتباعهم السفيه في ذلك ، لظنهم أن أحداً لا يكذب على الله ، حتى تبين لهم بالقرآن كذب السفيه وافتراؤه . { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } روى ابن جرير عن ابن عباس قال : كان رجال من الإنس يبيت أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي ، فزادهم ذلك إثما . ففي الآية إشارة إلى ما كانوا يعتقدون في الجاهلية من أن الوديان مقر الجن وأن رؤساءها تحميهم منهم . وهكذا قال إبراهيم : كانوا إذا نزلوا الوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه فتقول الجن : ما نملك لكم ولا لأنفسنا ضراً ولا نفعاً . وقال الربيع بن أنس : كانوا يقولون : فلان من الجن رب هذا الوادي ، فكان أحدهم إذا دخل الوادي يعوذ برب الوادي من دون الله . قال : فيزيدهم ذلك رهقاً ، وهو الفَرَق . وقال ابن زيد : كان الرجل في الجاهلية إذا نزل بواد قبل الإسلام قال : إني أعوذ بكبير هذا الوادي . فلما جاء الإسلام ، عاذوا بالله وتركوهم . انتهى . أي : لأن ذلك من الشرك ، ولذا نزلت سورتا المعوذتين لتعليم الاستعاذة بالله تعالى وحده والتبرؤ من الاستعاذة بغيره . وكذلك أذكار الاستعاذات المأثورة ، فإنها للإرشاد لذلك . روى مسلم عن خولة بنت حكيم قالت : من نزل منزلاً فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك . قال بعضهم : في الحديث تفسير آية الجن ، وأن ما فيها من الشرك ، وأن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر ، أو جلب نفع لا يدل على أنه ليس من الشرك . وفي الآية تأويل غريب نقله الرازي : وهو أن المراد كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الإنس أيضاً ، لكن من شر الجن ، مثل أن يقول الرجل : أعوذ برسول الله من شر جن هذا الوادي . وأصحاب هذا التأويل ، إنما ذهبوا إليه لأن الرجل اسم الإنس لا اسم الجن . وهذا ضعيف ، فإنه لم يقم دليل على أن الذكر من الجن لا يسمى رجلاً . انتهى . والضمير المرفوع في { فَزَادُوهُمْ } . للجن ، على معنى : فزادهم باستعاذتهم بهم ، غيّا وإثماً وضلالاً . أو للإنس على معنى : فزادوا الجن باستعاذتهم كبراً وعتوا . و ( الرهق ) في الأصل : غشيان الشيء ، فخص بما يعرض من الكبر أو الضلال .