Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 1-4)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } أي : المتزمل . من ( تزمل ) بثيابه إذا تلفف بها . فأدغم التاء في الزاي . خوطب صلى الله عليه وسلم بحكاية حاله وقت نزول الوحي ، ملاطفة وتأنيساً وتنشيطاً للتشمر لقيام الليل ، وقيل : معناه : المتحمل أعباء النبوة ، من تزمل الزِّمْلَ ، إذا تحمل الحِمل . ففيه استعارة . شبه إجراء التبليغ بتحمل الحمل الثقيل ، بجامع المشقة . قال الشهاب : وأورد عليه أنه مع صحة المعنى الحقيقيّ ، واعتضاده بالأحاديث الصحيحة ، لا وجه لادعاء التجوز فيه . وقد يجاب بأن الأحاديث رويت في نزول سورة ( المدثر ) لا في هذه السورة ، كما سيأتي إن شاء الله ، إلا أن يقال : هما بمعنى واحد . { قُمِ ٱلَّيلَ } أي : فيه للصلاة ، ودع التزمل للهجوع { إِلاَّ قَلِيلاً } أي : بحكم الضرورة للاستراحة ، ومصالح البدن ومهماته التي لا يمكن بقاؤه بدونها . ثم بين تعالى قدر القيام مخيراً له بقوله : { نِّصْفَهُ } أي : نصف الليل بدل من الليل . { أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ } أي : من النصف { قَلِيلاً } أي : إلى الثلث . { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } أي : النصف إلى الثلثين ، والمقصود : التخيير بين قيام النصف وما فوقه وما دونه . ولا يقال : كيف يكون النصف قليلاً وهو مساو للنصف الآخر ؟ لأن القلة بالنسبة إلى الكل ، لا إلى عديله . { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } أي : بينه تبييناً ، وترسل فيه ترسلاً . قال الزمخشري : ترتيل القرآن : قراءته على ترسّل وتؤدة ، بتبيين الحرف ، وإشباع الحركات ، حتى يجيء المتلوّ منه شبيهاً بالثغر المرتل ، وهو المفلج المشبه بنور الأقحوان ، وأن لا يهذّه هذِّا ، ولا يسرده سرداً . تنبيه قال السيوطي : في الآية استحباب ترتيل القراءة ، وأنه أفضل من الهذّ به ، وهو واضح . وقد ثبت في السنة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته آية آية ، وأنها كانت مفسرة حرفاً حرفاً ، وأنه كان يقف على رؤوس الآي . واستدل بالآية على أن الترتيل والتدبّر ، مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها ؛ لأن المقصود من القرآن فهمه وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به . قال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل . قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هَمّ أحدكم آخر السورة .