Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 25-26)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } قال ابن جرير : أي : وعاء . تقول : هذا كِفْتُ هذا وَكَفِيتهُ إذا كان وعاءه . والمعنى : ألم نجعل الأرض كفات أحيائكم وأمواتكم ، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم ، وأمواتكم في بطونها في القبور فيُدفنون فيها ؟ وجائز أن يكون عني بقوله : { كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } تَكْفِتُ أذاهم في حال حياتهم ، وجِيَفَهُمْ بعد مماتهم . انتهى . و ( الكفات ) إما اسم جنس لما يضم ويقبض . يقال : كفَتَهُ الله إليه أي : قبضه . ولذلك سميت المقبرة كَفْتَةً وِكِفَاتاً . ومنه الضمام والجماع ، لما يضم ويجمع . يقال هذا الباب جِماع الأبواب . وإما اسم آلة ؛ لأن فِعالاً كثر فيه ذلك . أو مصدر كقتال . أُوِّل بالمشتق ونعت به ، كرجل عدل . أو جمع كافت كصائم وصيام . أو كِفْت بكسر فسكون كقدح وقداح . و { كِفَاتاً } منصوب على أنه مفعول ثان لـ { نَجْعَلِ } لأنها للتصيير ، و { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } منصوبان على أنهما مفعولان به لـ { كِفَاتاً } . قال الشهاب : وهذا ظاهر على كون { كِفَاتاً } مصدراً أو جمع كافت . لا على كونه اسم آلة فإنه لا يعمل ، كما صرح به النحاة . وحينئذ فيقدر فعل ينصبه من لفظه ، كما صرح به ابن مالك في كل منصوب بعد اسم غير عامل . وثمة وجوه أخر . تنبيه في ( الإكليل ) قال إلكيا الهراسيّ : عني بالكفات الانضمام . ومراده أنها تضمهم في الحالتين . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت فلا يرى منه شيء . وقال ابن عبد البر : احتج ابن القاسم في قطع النباش بهذه الآية ؛ لأنه تعالى جعل القبر للميت كالبيت للحيّ ، فيكون حرزاً . انتهى . ونقله القفّال عن ربيعة . وعندي أن مثل هذا الاحتجاج من الإغراق في الاستنباط وتكلف التماس ما يؤيد المذهب المتبوع كيفما كان ، مما يعد تعسُّفاً وتعصُّباً . وبين فحوى الآية وهذا الاستنباط ما بين المنجد والمتهم . ومثله أخذ بعضهم من الآية السابقة { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } [ المرسلات : 12 ] تأجيل القضاة الخصوم في الحكومات ، ليقع فصل القضاء عند تمام التأجيل . كما نقله في ( الإكليل ) عن ابن الفَرَس . ومآخذ الدين والتشريع ليست من الأحاجي والمعميات . وبالله التوفيق .